شرح نهج البلاغة
شرح نهج البلاغة
ویرایشگر
محمد عبد الكريم النمري
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
۱۴۱۸ ه.ق
محل انتشار
بيروت
اختلاف الروايات في قصة السقيفة اختلفت الروايات في قصة السقيفة ، فالذي تقوله الشيعة - وقد قال قوم من المحدثين بعضه ورووا كثيرا منه - أن عليا عليه السلام امتنع من البيعة حتى أخرج كرها ، وأن الزبير بن العوام امتنع من البيعة وقال : لا أبايع إلا عليا عليه السلام ، وكذلك أبو سفيان بن حرب ، وخالد ابن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس ، والعباس بن عبد المطلب وبنوه ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، وجميع بني هاشم . وقالوا : إن الزبير شهر سيفه ، فلما جاء عمر ومعه جماعة من الأنصار وغيرهم ، قال في جملة ما قال : خذوا سيف هذا فاضربوا به الحجر . ويقال : إنه أخذ السيف من يد الزبير فضرب به حجرا فكسره ، وساقهم كلهم بين يديه إلى أبي بكر ، فحملهم على بيعته ولم يتخلف إلا علي عليه السلام وحده ، فإنه اعتصم ببيت فاطمة عليها السلام ، فتحاموا إخراجه منه قسرا ، وقامت فاطمة عليها السلام إلى باب البيت فأسمعت من جاء يطلبه ، فتفرقوا وعلموا أنه بمفرده لا يضر شيئا ، فتركوه .
وقيل : إنهم أخرجوه فيمن أخرج وحمل إلى أبي بكر فبايعه . وقد روى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري كثيرا من هذا .
فأما حديث التحريق وما جرى مجراه من الأمور الفظيعة ، وقول من قال إنهم أخذوا عليا عليه السلام يقاد بعمامته والناس حوله ؛ فأمر بعيد والشيعة تنفرد به ، على أن جماعة من أهل الحديث قد رووا نحوه ، وسنذكر ذلك .
وقال أبو جعفر : إن الأنصار لما فاتها ماطلبت من الخلافة ، قالت - أو قال بعضها : لا نبايع إلا عليا . وذكر نحو هذا علي بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير الموصلي في تاريخه .
فأما قوله : لم يكن لي معين إلا أهل بيتي فضننت بهم عن الموت ، فقول ما زال علي عليه السلام يقوله ، ولقد قاله عقيب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : لو وجدت أربعين ذوي عزم ! ذكر ذلك نصر بن مزاحم في كتاب صفين ، وذكره كثير من أرباب السيرة .
وأما الذي يقوله جمهور المحدثين وأعيانهم ، فإنه عليه السلام امتنع من البيعة ستة أشهر ، ولزم بيته ، فلم يبايع حتى ماتت فاطمة عليها السلام ، فلما ماتت بايع طوعا .
وفي صحيحي مسلم والبخاري : كانت وجوه الناس إليه وفاطمة باقية بعد ، فلما ماتت فاطمة عليها السلام انصرفت وجوه الناس عنه ، وخرج من بيته فبايع أبا بكر ، وكانت مدة بقائها بعد أبيها عليه الصلاة والسلام ستة أشهر .
صفحه ۱۴