[النص]
والله ما كتمت وشمة (1) ولا كذبت كذبة. ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم. ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها وخلعت لجمها فتقحمت بهم في النار (2). ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها وأعطوا أزمتها فأوردتهم الجنة. حق وباطل. ولكل أهل (3) فلئن أمر الباطل لقديما فعل. ولئن قل الحق فلربما ولعل. ولقلما أدبر شئ فأقبل (4). أقول إن في هذا الكلام الأدنى من مواقع
[الشرح]
وقد كانوا أسبق الناس إليه (1) الوشمة الكلمة وقد كان رضي الله عنه لا يكتم شيئا يحوك بنفسه، كان أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر لا يحابي ولا يداري ولا يكذب ولا يداجي، وهذا القسم توطئة لقوله ولقد نبئت بهذا المقام أي أنه قد أخبر من قبل على لسان النبي صلى الله عليه وسلم بأن سيقوم هذا المقام ويأتي عليه يوم مثل هذا اليوم (2) الشمس بضمتين وضم فسكون جمع شموس وهي من شمس كنصر أي منع ظهره أن يركب، وفاعل الخطيئة إنما يقترفها لغاية زينت له يطلب الوصول إليها فهو شبيه براكب فرس يجريه إلى غايته، لكن الخطايا ليست إلى الغايات بمطايا فإنها اعتساف عن السبيل واختباط في السير، لهذا شبهها بالخيل الشمس التي قد خلعت لجمها لأن من لم يلجم نفسه بلجام الشريعة أفلتت منه إلى حيث ترديه وتتقحم به في النار. وتشبيه التقوى بالمطايا الذلل ظاهر فإن التقوى تحفظ النفس من كل ما ينكبها عن صراط الشريعة فصاحبها على الجادة لا يزال عليها حتى يوافي الغاية والذلل جمع ذلول وهي المروضة الطائعة السلسة القياد (3) أي أن ما يمكن أن يكون عليه الإنسان ينحصر في أمرين الحق والباطل ولا يخلو العالم منهما، ولكل من الأمرين أهل، فللحق أقوام وللباطل أقوام. ولئن أمر الباطل أي كثر بكثرة أعوانه فلقد كان منه قديما لأن البصائر الزائغة عن الحقيقة أكثر من الثابتة عليها. ولئن كان الحق قليلا بقلة أنصاره فلربما غلبت قلته كثرة الباطل ولعله يقهر الباطل ويمحقه (4) هذه الكلمة صادرة
صفحه ۴۸