[النص]
5 - ومن خطبة له عليه السلام لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله
~~وخاطبه العباس وأبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة. وعرجوا عن طريق المنافرة وضعوا عن تيجان المفاخرة (1). أفلح من نهض بجناح. أو استسلم فأراح (2) هذا ماء آجن (3). ولقمة يغص بها آكلها. ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه (4) فإن أقل يقولوا حرص على الملك. وإن أسكت يقولوا جزع من الموت (5) هيهات بعد
[الشرح]
بموسى عليه السلام إذ رموه بالخيفة ويفرق بين الواقع وبين ما يزعمون فإنه لا يخاف على حياته ولكنه يخاف من غلبة الباطل كما كان من نبي الله موسى، وهو أحسن تفسير لقوله تعالى (فأوجس في نفسه خيفة موسى) وأفضل تبرئة لنبي الله من الشك في أمره (1) قلب قصد به المبالغة. والقصد ضعوا تيجان المفاخرة عن رؤوسكم وكأنه يقول طأطئوا رؤوسكم تواضعا ولا ترفعوها بالمفاخرة إلى حيث تصيبها تيجانها، ويروى وضعوا تيجان المفاخرة بدون لفظ عن وهو ظاهر. وعرج عن الطريق مال عنه وتنكبه (2) المفلح أحد رجلين إما ناهض للأمر بجناح أي بناصر ومعين يصل بمعونته إلى ما نهض إليه، وإما مستسلم يريح الناس من المنازعة بلا طائل وذلك عند عدم الناصر، وهذا ينحو نحو قول عنترة لما قيل له إنك أشجع العرب فقال لست بأشجعهم ولكني أقدم إذا كان الإقدام عزما وأحجم إذا كان الإحجام حزما (3) الآجن المتغير الطعم واللون لا يستساغ، والإشارة إلى الخلافة، أي أن الإمرة على الناس والولاية على شؤونهم مما لا يهنأ لصاحبه بل ذلك أمر يشبه تناوله تناول الماء الآجن ولا تحمد عواقبه كاللقمة يغص بها آكلها فيموت بها (4) يشير إلى أن ذلك لم يكن الوقت الذي يسوغ فيه طلب الأمر فلو نهض إليه كان كمجتني الثمرة قبل إيناعها ونضجها وهو لا ينتفع بما جنى، كما أن الزارع في غير أرضه لا ينتفع بما زرع (5) إن
صفحه ۴۰