[النص]
فانهارت دعائمه (1)، وتنكرت معالمه (2)، ودرست سبله (3)، وعفت شركه. أطاعوا الشيطان فسلكوا مسالكه. ووردوا مناهله (4) بهم سارت أعلامه. وقام لواؤه في فتن داستهم بأخفافها. ووطئتهم بأظلافها (5) وقامت على سنابكها. فهم فيها تائهون حائرون جاهلون مفتونون في خير دار وشر جيران (6). نومهم سهود وكحلهم دموع. بأرض عالمها ملجم وجاهلها مكرم (ومنها يعني آل النبي عليه الصلاة والسلام) موضع سره ولجأ أمره (7) وعيبة علمه (8) وموئل حكمه وكهوف
[الشرح]
(1) انهارت هوت وسقطت. والدعائم جمع دعامة وهي ما يستند إليه الشئ ويقوم عليه. ودعامة السقف مثلا ما يرتفع عليه من الأعمدة (2) التنكر التغير من حال تسر إلى حال تكره أي تبدلت علاماته وآثاره بما أعقب السوء وجلب المكروه (3) درست كاندرست أي انطمست، والشرك قال بعضهم جمع شراك ككتاب وهي الطريق والذي يفهم من القاموس أنها بفتحات جواد الطريق أو ما لا يخفى عليك ولا يستجمع لك من الطرق، اسم جمع لا مفرد له من لفظه. وعفت بمعنى درست (4) المناهل جمع منهل وهو مورد الشاربة من النهر (5) الأظلاف جمع ظلف بالكسر للبقر والشاء وشبههما كالخف للبعير والقدم للانسان. السنابك جمع سنبك كقنفذ طرف الحافر (6) خير دار هي مكة المكرمة. وشر الجيران عبدة الأوثان من قريش. وقوله نومهم سهود الخ كما تقول فلان جوده بخل وأمنه مخافة فهم في أحداث أبدلتهم النوم بالسهر والكحل بالدمع. والعالم ملجم لأنه لو قال حقا والجمهور على الباطل لانتاشوه ونهشوه والجاهل مكرم لأنه على شاكلة العامة مشايع لهم في أهوائهم فنزلته عندهم منزلة أوهامهم وعاداتهم وهي في المقام الأعلى من نفوسهم. وهذه الأوصاف كلها لتصوير حال الناس في الجاهلية قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم (7) اللجأ محركة الملاذ وما تلتجئ إليه كالوزر محركة ما تعتصم به (8) العيبة بالفتح الوعاء. والموئل المرجع أي أن حكمه وشرعه يرجع
صفحه ۲۹