============================================================
زمان يعتنون بذلك ويحضون أهل زمانهم على الحرص على إتقان علم التوحيد، والعمل بمقتضاه الظاهر والباطن ومن هؤلاء العلماء الذين عم النفع بتأليفاتهم بين أهل السنة الإمام السنوسي رحمه الله تعالى وأعلى من شأنه في الآخرة، فقد انتفعت الناس بكتب هذا الحبر الإمام، وإنك لترى من تأليفاته ما تعجب له وتعجب به، فإنه اودع فيها من دقائق علم التوحيد ودلائله ما لا تجده بذلك الأسلوب الجميل والتحقيق البديع المتميز في كتب غيره، وقد أحاط بأطراف مسائل هذا العلم الشريف، ثم إنه بذل وسعه لتقريب مباحثه لطلاب العلم، وكتبه نافعة مجربة كما يقول العلماء، ونحن قد جريناها وغيرنا قد فعل ذلك، وكانت كتبه رحمه الله تعالى فاتحة خير لطلاب هذا العلم الشريف، وكم من الناس الذين انتفعوا بما ألفه هذا الإمام وإنك لا تعدم أن تجد في كتبه الصغيرة والطويلة فوائد عزيزة لا تنالها في غيرها، فيفرح بها العارف، ويهش لها ويبش، وإن العالم وطالب العلم غير غني عن مراجعة كتبه المختصرة والمطولة، ففي كل منها خير وفائدة، ولا نقول ذلك لمجرد الترغيب بقراءة كتبه، بل إننا نخبر عما وجدناه بأنفسنا، ومن نظر فيها عرف ما عرفتاه، وصدق بما قلتاه.
ولعظيم شأن الإمام السنوسي بما حرره من علم التوحيد فإنك ترى المتأخرين من العلماء الذين جاؤوا بعده في الزمان قد اعتمد معظمهم على كتبه، فاشتغلوا بها شرحا وتدريسا، واكثروا من التعليق عليها لنشر فوائدها، وإباحة عطر رائحتها للناس أجمعين، ولذلك فإن المرء ليتعجب من كثرة التأليفات التي حبرها كبار المحققين والعارفين على كتب هذا الإمام، ولكن عجبه يزول ودهشته تضمحل عندما يمارس فهم كتبه فيعرف مقدار ما فيها من دقائق وحقائق، فيدرك عندئذ أن العلماء ما عظموه فوق قدره، وما رفعوه فوق رفعته، وما شهدوا له إلا ببعض ما آشهد عليه.
وإننا ما زلنا نحض الناس على قراءة كتب الإمام السنوسي والاهتمام بها مذ سنوات عديدة، ونحث همم الطلاب والباحثين على التنقيب عما أودعه فيها، ونشر مآثرها بين الناس، وذلك لما نعلمه من عظيم فائدتها ومقدار عائدتها.
صفحه ۶