"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح قال: حدثني الحسن بن جابر" والحسن بن جابر هذا مقبول قال فيه ابن حجر: مقبول، وهو محتاج إلى متابع، وقد مضى ما في كلمة "مقبول" وقد توبع في الخبر الذي يليه، وباقي رجال الإسناد ثقات، وما دام الحسن بن جابر توبع فالخبر حسن.
"عن المقدام بن معد يكرب الكندي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديث)) " يوشك مضارع (أوشك) التي هي من أفعال المقاربة، تقتضي اسما مرفوعا، وخبرا يكون فعلا مضارعا مقرونا ب (أن) وهنا مجرد منها ((يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث)) الأصل أن يحدث، وجاء جاءت (أن) هذه في رواية الحاكم، فدل على أن حذفها من تصرف الرواة، على أنه جاء حذفها في الشعر الفصيح، لكن الأصل أن خبر (أوشك) لا بد أن يقترن ب (أن) وما ند عن ذلك من القليل النادر فهو محكوم عليه بالشذوذ عند أهل العربية، وهنا جردت من (أن) لكنها ثابتة في رواية الحاكم والحديث واحد، فدل على (أن) حذفها من قبل بعض الرواة.
((يحدث بحديث من حديثي)) ((يوشك الرجل متكئا)) متكئا حال كونه متكئا ((على أريكته)) على تكأته التي يستند إليها، والاتكاء لا بأس به، وفيه راحة للجالس، لكن الاتكاء حال الأكل خلاف الأولى، وقد صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((لا آكل متكئا)) فهذا خلاف الأولى، الأولى ألا يتكئ، على الخلاف بينهم في معنى الاتكاء، هل هو الاستناد على شيء في أحد جانبيه، أو هو التربع المعروف عند الناس.
((متكئا على أريكته)) تكأته التي يستند إليها، وتكون إما عن يمينه أو عن شماله، لكن بالنسبة للشمال أريح من كونها في اليمين؛ لأن الأخذ والإعطاء والأكل والشرب يكون باليمين، فإذا اتكأ عليها صعب عليه تناول هذه الأمور.
صفحه ۵