شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي
شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي
ناشر
دار ابن الجوزي
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣١ هـ
ژانرها
والمقصود من هذا: أن هذا الأثر لا يصح، وليس فيه حجة أو عمدة لمن يحتج بأن عليًا ﵁ كان له مصحف كاملٌ.
أما قول المؤلف: (ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير ولكنه لم يوجد) فهذا غريب، فأي علم سيوجد في مصحف علي ﵁؟ فإن قصارى الأمر أنه سيكون فيه رأي عليٍّ ﵁ في ترتيب نزول القرآن، والاختلاف في ترتيب النزول أمر مشهور ومعروف.
فإن قيل: لعل فيه تعليقات وتفسيرات من عليٍّ ﵁.
الجواب: إن الأصل أن الصحابة لم يكونوا يكتبون مع القرآن غيره، وإنما جاءت هذه الشبهة في أن الصحابة كانوا يكتبون بعض تفسيراتهم، وهو ما اصطُلح عليه باسم «القراءات التفسيرية»، لِمَا وُجِد من بعض القراءات الشاذة مثل: «فصيام ثلاثة أيام متتابعات» فكلمة «متتابعات» قراءة شاذة، وليست تفسيرًا؛ لأن من رواها نصَّ على أنها قراءة، وليست من قبيل التفسير، ومن الآثار في ذلك: في «مصنف ابن أبي شيبة»: «ابن علية عن ابن عون قال: سألت إبراهيم عن صيام الثلاثة أيام في كفارة اليمين، قال: في قراءتنا «فصيام ثلاثة أيام متتابعات»».
وفيه: «وكيع عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية قال: كان أبي يقرؤها: «فصيام ثلاثة أيام متتابعات»» (١).
وفي رواية يحيى الليثي لموطأ مالك، قال: «وحَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُجَاهِدٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَجَاءَهُ إِنْسَانٌ فَسَأَلَهُ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ الْكَفَّارَةِ أَمُتَتَابِعَاتٍ أَمْ يَقْطَعُهَا؟ قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ يَقْطَعُهَا إِنْ شَاءَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: لا يَقْطَعُهَا، فَإِنَّهَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ»» (٢).
(١) المصنف، كتاب الأيمان والنذور، ورقم الحديثين (١٢٥٠١، ١٢٥٠٣).
(٢) الموطأ، ١٥٥.
1 / 37