وأما قولنا: «اسم وفعل وحرف».
فإن هذه الثلاثة هي الأصول الأول التي لا يستغنى عن تقدمة معرفتها لأنها أنفس الكلام. وما بعدها فإنما هو كلام على عوارضها الداخلة عليها. ولذلك اتفقت كتب متقدمي النحويين على البداية بها.
وإنما كان الكلام ثلاثة لا غير لأن العبارة على حسب المعبر عنه. والمعبر عنه لا يخلو من أن يكون ذاتًا كزيد وعمرو. أو حدثًا من ذات كقام وقعد، أو واسطة بين الذات وحدثها، تكون لايجاب شيء لها، أو نفي شيء عنها، أو شرطًا لها، مثل: إن زيدًا قام، وما زيد قام، وإن قام زيد قام عمرو. فالأسماء عبارة عن الذات. والأفعال عبارة عن الحدث. والحروف عبارة عن الوسائط. فلذلك / كانت ثلاثة على حسب المعبر عنه.
وإذا ثبت هذا. فالعلة في تقديم الكلام على الاسم من هذه الثلاثة لأنه أقواها وأمكنها. بدليل أنه يخبر به ويخبر عنه، من نحو: الله ربنا، وربنا الله. والحرف عكسه [لأنه] لا يخبر به ولا يخبر عنه، فأخر لذلك.
والفعل يخبر به ولا يخبر عنه، فوسط. ولأن كل شيء محمول على الاسم. لأن الله تعالى لما امتن على نبيه آدم ﵇ قال: (وعلم آدم الأسماء كلها).
1 / 92