<span class="matn">فكم كشف عن معضلات وأبرد الغليل وقد وضعت عليه شرحا يحل ألفاظه يحتوي على تقييداته وفوائد يصعب فهمها على المبتدئين وغير الممارسين، ثم أدركتني رحمة الضعاف فثنى عنان القلم إليهم حب الإسعاف حين طلب مني جماعة من الإخوان وجملة من الخلان شرحا آخر لا يكون قاصرا عن إفادة القاصرين خاليا عن الإطناب وعما يصعب فهمه من الإيجاز على المبتدئين ليعم نفعه العباد ويتعاطاه الحضري والباد فأجبتهم
</span><span class="matn-hr"> </span>
[حاشية العدوي]
قوله فكم) تعليل لقوله أعظم وهي خبرية للتكثير أي؛ لأنه كشف عن معضلات كشفا كثيرا (قوله معضلات) قال ياسين معضلات بفتح الضاد وكسرها من قولهم أمر معضل لا يهتدى لوجهه اه.
والفتح بمعنى الكسر وفي القاموس فيما رأيته من نسخة يظن بها الصحة بضبط القلم بكسرة تحت الضاد.
(قوله وأبرد الغليل إلخ) الغليل العطش أو شدته أو حرارة الجوف كذا في القاموس فإذا علمت ذلك فيكون في العبارة استعارة تصريحية شبه التحير والقلق الذي يقوم بالإنسان حين لا يدرك ما يريده من مسائل العلم بالغليل بأي معنى كان والجامع ظاهر واستعار اسم المشبه به للمشبه وقوله أبرد أي صيره باردا، وهو ترشيح أو مستعار لازال تأمل (قوله وقد وضعت) شروع في الاعتذار عن الاشتغال بهذا الشرح مع وجود الشرح الكبير (قوله يحل ألفاظه ) أراد به بيان ما يتعلق بالإعراب ويفهم المعنى المراد من اللفظ لا خصوص الأول وإسناد الحل للشرح مجاز عقلي؛ لأنه حقيقة في إسناده للشخص وإيقاع الحل على الألفاظ مجاز عقلي أيضا؛ لأنه حقيقة في إيقاعه على عقد الحبل أو شبه الألفاظ بحبل معقد على سبيل الاستعارة بالكناية ويحل قرينة (قوله تقييداته) جمع تقييد بمعنى مقيداته فهو مصدر بمعنى اسم الفاعل مجاز (قوله وفوائد) جمع فائدة وهي لغة ما حصلته من علم أو مال أو غيرهما وعرفا المصلحة المترتبة على الفعل من حيث إنها ثمرته ونتيجته والمراد هنا المعنى اللغوي.
(قوله على المبتدئين) جمع مبتدئ، وهو من لم يصل إلى تصوير المسألة والمتوسط من وصل إليه دون استنباط المسائل والمنتهي من وصل لتصوير المسألة وقدر على الاستنباط وقوله وغير الممارسين من عطف اللازم أي وغير المعالجين أي الذين كثرت مطالعتهم وقراءتهم في الفن (قوله أدركتني رحمة الضعاف) أي لحقتني وفي العبارة استعارة بالكناية حيث شبه رقته على الضعاف في العلم بفارس مثلا طلب إنسانا لأمر ما فأسرع إليه فلحقه إشارة إلى سرعة هذه الرقة فإذن تكون ثم لمجرد الترتيب والضعاف جمع ضعيف أي في العلم (قوله فثنى إلخ) ثنى الشيء رد بعضه على بعض أي ترجيع بعضه على بعض فأطلقه هنا على مطلق الترجيع فقد ارتكب التجريد (قوله عنان القلم) العنان هو ما تقاد به الدابة فقد شبه القلم بدابة ذات عنان على طريق الاستعارة بالكناية وإثبات العنان تخييل أو أنه من إضافة المشبه به للمشبه أي القلم الشبيه بالعنان في مطلق التصرف في كل فتدبر (قوله إليهم) أي إلى ما يناسب حالهم مثل هذا الشرح وقوله حب الإسعاف فاعل مجاز عقلي أو استعارة بالكناية والإسعاف تبليغ المقصود أي أنه بعد أن كان موجها عنان القلم لغيرهم أي لغير مرادهم رجع حب الإسعاف عنان القلم إليهم أي إلى مرادهم وقوله حين ظرف لقوله أدركتني إلا أنك خبير بأن مفاد العبارة حينئذ أنه حين الطلب شرع في تأليف هذا الشرح فينكد عليه قوله بعد فأجبتهم إلخ كما هو ظاهر للمتأمل ويجاب بأن ذلك الشيء لما كان كالمحقق الوقوع حين الطلب؛ لأن مثله لا يخيب سائله نزل منزل الواقع بالفعل على حد قوله تعالى {أتى أمر الله} [النحل: 1] الآية.
(قوله طلب مني) لم يقل التمس تحدثا بنعمة المولى في أنه صار أهلا لأن يطلب منه ذلك والإخوان جمع أخ غلب في الأصحاب دون إخوة بخلاف إخوة فهو غالب فيمن كان من النسب والحاصل أن كلا من إخوان وإخوة جمع أخ إلا أن إخوان غلب في الأصحاب وإخوة غلب في النسب (قوله وجملة) مرادف لجماعة وغاير دفعا للثقل الحاصل من تكرار اللفظ (قوله الخلان) بضم الخاء جمع خليل ومصدوق الإخوان مصدوق الخلان فهم موصوفون بأنهم خلان وإخوان أو أراد بالخلان معنى أخص من الإخوان، وهو من اشتدت محبتهم، وإن لم يصلوا إلى مرتبة الخلة التي هي صفاء المودة (قوله لا يكون قاصرا) وصف ثان لشرحا (قوله القاصرين) أي الذين هم عبارة عن المبتدئين أي بخلوه عن الإطناب وعما يصعب فهمه من الإيجاز فقوله خاليا وصف ثالث كالعلة للوصف الثاني أو حال من اسم يكون كذلك.
(قوله الإطناب) الإتيان بالكلام الكثير لفائدة، وأما إذا لم يكن لفائدة فهو تطويل إن لم يتعين كقوله
وإلفي قولها كذبا ومينا
وإلا كان حشوا كقوله
واعلم علم اليوم والأمس قبله
فقبله حشو؛ لأنه متعين للزيادة بخلاف مين فإنه معطوف في منزلة المعطوف عليه فلم يتعين للزيادة، ثم لا يخفى أن الإطناب من صفة المؤلف لا من صفة الشرح فليؤول الإطناب باسم المفعول أي الكلام المطنب وكذا يقال في قوله من الإيجاز ومن في قوله من الإيجاز للتبعيض لا بيانية وإلا لاقتضى أن الإيجاز جميع أفراده يصعب فهمه وليس كذلك أو أن من للتعليل أي الإيجاز المخل (قوله على المبتدئين) أي الذين هم القاصرون (قوله ليعم نفعه العباد) تعليل لطلب الشرح على الوصف المذكور؛ لأن عموم نفعه بالخلو عن الأمرين معا (قوله العباد) أي المبتدئ وغيره بخلاف الكبير فإنه قاصر على المنتهي، ثم نفعه المبتدئ ظاهر والمنتهي ومثله المتوسط بالمذاكرة مع الإخوان وتذكار ما قد يغفل عنه (قوله الحضري) خلاف البادي وأراد بالحضري ما يشمل القروي (فأجبتهم إلخ) أتى بالفاء إشارة إلى أنه أجابهم فورا
صفحه ۸