<span class="matn">
[مقدمة]
بسم الله الرحمن الرحيم
</span><span class="matn-hr"> </span>
[حاشية العدوي]
{بسم الله الرحمن الرحيم} الحمد لله الكريم الوهاب الملهم للصواب والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأحباب وعلى آله والأصحاب.
{وبعد} فيقول الفقير إلى الله تعالى علي بن أحمد الصعيدي العدوي المالكي لما - من الله المولى الكريم بمطالعة الشرح الصغير للعلامة الإمام والقدوة الهمام شيخ المالكية شرقا وغربا قدوة السالكين عجما - وعربا مربي المريدين كهف السالكين سيدي أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن علي - الخرشي الشهير نسبه ونسب عصبته بأولاد صباح الخير انتهت إليه الرياسة في مصر حتى أنه لم يبق في مصر أواخر عمره إلا طلبته وطلبة طلبته كان إماما في العلوم والمعارف متواضعا عفيفا لا يكاد جليسه يمل من مجالسته انتهت إليه الرياسة في العلم ووقف الناس عند فتاويه وكان متقشفا في مأكله وملبسه ومفرشه وكان لا يصلي الصبح صيفا وشتاء إلا بالجامع الأزهر وكان خلقه واسعا إذا تجادل عنده الطلبة يشتغل هو بالذكر حتى يفرغ جدالهم وكان يقضي بعض مصالحه بيده من السوق ويحملها ويتعاطى مصالح بيته في منزله أيضا وكان كثير الأدب والحياء كريم النفس جميل المعاشرة حلو الكلام وكان كثير الشفاعات عند الأمراء وغيرهم وكانوا يهابونه ويجلونه ويقبلون شفاعته وكان مهيب المنظر عليه خفر العلماء العاملين والأولياء والصالحين وكان دائم الطهارة كثير الصمت زاهدا ورعا - كثير الصيام طويل القيام وكان له تهجد عظيم في الليل
وكان نهاره كله في طاعة إما في علم أو قراءة قرآن أو ورد يقول - من عاشره: ما ضبطنا عليه قط - ساعة هو فيها غافل عن مصالح دنياه أو آخرته وكان يتعمم بشملة بيضاء صوف إذا دخل منزله وله سبحة ألف حبة وكانت ثيابه قصيرة على السنة المحمدية وكان كثير الذكر لله تعالى لا يكاد يغفل عن قول لا إله إلا الله في حال درسه وفي حال عمله وكان لا يسمع منه قط - مذاكرة أحد بسوء وكان النور يخفق على وجهه يدركه كل المؤمنين وكانت الأمراء والأكابر يعتقدونه اعتقادا تاما وكان إذا ركب حمارته ومر في السوق يقتتل الناس عليه لأجل التبرك به وتقبيل يده ومن لا يصل إلى يده يتمسح بدابته أو بظهر الشيخ ويمسح بها وجهه وكان قد اشتهر في أقطار الأرض كالغرب وبلاد التكرور والشام والحجاز والروم واليمن وصاروا يضربون به المثل وأذعن له علماء مصر الخاص منهم والعام وكان دائم الطهارة لا يحدث إلا ويتوضأ هكذا قال أصحابه وكان لا يذكر أحدا بغيبة - ولا يحسد أحدا من أقرانه على ما آتاه الله من علم أو جاه أو إقبال من الناس بل يقول لولا أنه يستحق ما أعطاه الله تعالى وما كان قط - يزاحم على شيء من الدنيا ولا يتردد إلى أحد من الولاة إلا لضرورة شرعية من شفاعة لمظلوم ونحو ذلك
وكان إذا حضر إليه جماعة ممن يحسدونه يجلهم ويكرمهم في غيبتهم وحضورهم ولا يؤاخذ أحدا منهم على ما وقع منه في حقه بل هو كثير احتمال الأذى بطيبة نفس وكان يعير من كتبه ومن خزانته الوقف الكتب الغريبة العزيزة للطالب بحيث لا يفتش بعد ذلك عنها كائنا ما كان من جميع الفنون فضاع له بذلك جملة من الكتب وكان يعطي من الكتاب بالكبشة من غير عدد أوراق وكان يأتيه الطالب ببراءة فيها اسم كتاب يطلبه فيخرجه من الخزانة فيعطي له منه من غير معرفة اسمه واسم أبيه أو بلده فيقيد بعدما يتوجه من عنده أخذ من الكتاب الفلاني الرجل الطويل أو القصير أو لحيته كبيرة أو صغيرة أو أبيض أو أسود أو نحو ذلك وكان منه في ذلك العجب العجاب إيثارا لوجهه تعالى
وكان لا يأنف في درسه وخارجه من مبتدئ ولا بليد - أفنى فيه عمره مع تثبته لحوائج العامة والأرملة، وكان إذا أتى إليه طفل يشكو إليه توجه معه إلى مطلوبه فيقضي حاجته لازم القراءة سيما بعد شيخه البرهان القاني وأبي الضياء علي الأجهوري كان يقرأ من صلاة الإمام الحنفي في مجلسه بمدرسة الابتغاوية إلى الضحى الكبيرة قراءة تحقيق وتدقيق، ثم يقوم يصلي الضحى ويتوجه إلى بيته وربما مشى بعد لشفاعة في أمر الناس أو يصلح بين الناس، ثم يرجع إلى المسجد يصلي الظهر بمجلسه بالابتغاوية، ثم يأتي إلى الدرس بجوار المنبر بالمقصورة فيقرأ درسه من مختصر خليل، ثم يتوجه إلى مجلسه المذكور أو إلى بيته وكان يقسم متن خليل نصفين يقرؤه في مجلسه بالابتغاوية ونصف يقرؤه بعد الظهر عند المنبر وكان يمازح الطلبة في درسه ويقول لهم أنتم جهلاء ولا يعقلها إلا العالمون، ويقول لهم إنما أقول لكم ذلك لأجل أن تبذلوا هممكم لطلب العلم ومطالعته، وكان في درسه إذا قرأ شرحه الصغير بحضرة الطلبة يقول لهم هذا شرح نفيس ما أحسنه،، لازمته ما ينوف عن عشرين سنة في درسه بالمقصورة وخارج الدرس فما أظن أن كاتب الشمال كتب عليه شيئا، وإن وقع أنه عرض لأحد على وجه التنفير فذلك من باب النصح للأمة لا لحظ نفسه وقد كان الإمام البخاري يجرح الرواة كثيرا
ويقول أرجو من فضل الله أن لا يطالبني يوم القيامة بغيبة - في أحد انتهى.
وذلك أنه قصد بالتجريح نصرة الدين لا التشفي بذلك للنفس كما ذكره العارف بالله سيدي عبد الوهاب الشعراني، وكان عالما
صفحه ۲