شرح مختصر الروضة
شرح مختصر الروضة
پژوهشگر
عبد الله بن عبد المحسن التركي
ناشر
مؤسسة الرسالة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جُعِلَتْ عَنْ بِمَعْنَى مِنْ، كَانَ أَدَلَّ عَلَى الْمَقْصُودِ»، فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ: الْفِقْهُ، هُوَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ مِنْ أَدِلَّتِهَا.
قَوْلُهُ: «إِذْ يُقَالُ: عَلِمْتُ الشَّيْءَ مِنَ الشَّيْءِ» إِلَى آخِرِهِ، هَذَا تَقْدِيرٌ وَتَوْجِيهٌ لِتَأْوِيلِ «عَنْ» بِمَعْنَى «مِنْ»، وَهُوَ أَنَّ عَلِمَ إِنَّمَا يَتَعَدَّى فِي وَضْعِ اللُّغَةِ بِحَرْفِ «مِنْ» نَحْوَ: «عَلِمْتُ الشَّيْءَ مِنَ الشَّيْءِ» مَثَلًا: عَلِمْتُ الْحُكْمَ مِنَ الدَّلِيلِ، وَعَلِمْتُ الْخَبَرَ مِنْ فُلَانٍ، «وَلَا يُقَالُ: عَلِمْتُهُ عَنْهُ»، أَيْ: لَا يُقَالُ: عَلِمْتُ الشَّيْءَ عَنِ الشَّيْءِ، وَعَلِمْتُ الْحُكْمَ عَنِ الدَّلِيلِ، وَالْخَبَرَ عَنْ فُلَانٍ، «إِلَّا بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ»، وَهُوَ تَأْوِيلُ «عَنْ» بِمَعْنَى «مِنْ» . وَتَقْرِيرُ مَا ذَكَرْنَاهُ، أَنَّ «مِنْ» مَعْنَاهَا فِي مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ ابْتِدَاءُ الْغَايَةِ، وَ«عَنْ» مَعْنَاهَا الْمُجَاوَزَةُ، فَمَعْنَى عَلِمْتُ الْحُكْمَ مِنَ الدَّلِيلِ، أَنَّ مَبْدَأَ عِلْمِي بِالْحُكْمِ هُوَ الدَّلِيلُ، أَوِ ابْتِدَاءُ عِلْمِي بِالْحُكْمِ كَانَ مِنَ الدَّلِيلِ، فَالدَّلِيلُ مَبْدَأُ حُصُولِ الْعِلْمِ بِالْحُكْمِ، كَمَا أَنَّ الدَّارَ مَبْدَأُ خُرُوجِكَ إِذَا قُلْتَ: خَرَجْتُ مِنَ الدَّارِ. وَمَعْنَى عَلِمْتُ الْحُكْمَ عَنِ الدَّلِيلِ جَاوَزَ الْعِلْمُ الدَّلِيلَ إِلَيَّ، لَكِنْ «عَنْ» الدَّالَّةُ عَلَى الْمُجَاوَزَةِ تَدُلُّ عَلَى مَبْدَأِ الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ بِالِالْتِزَامِ، إِذْ كُلُّ مُجَاوَزَةٍ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنَ ابْتِدَاءٍ، وَمِنْ، تَدُلُّ عَلَى ابْتِدَاءِ الْعِلْمِ وَمَبْدَئِهِ بِالْمُطَابَقَةِ الْوَضْعِيَّةِ، فَكَانَتْ أَوْلَى، لِأَنَّهَا أَقْوَى الدَّلَالَاتِ الثَّلَاثِ.
فَتَحَصَّلَ مِمَّا ذَكَرْنَا: أَنَّ قَوْلَنَا: الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ مِنَ الْأَدِلَّةِ، هُوَ الْأَصْلُ فِي
1 / 145