شرح مختصر الروضة
شرح مختصر الروضة
ویرایشگر
عبد الله بن عبد المحسن التركي
ناشر
مؤسسة الرسالة
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَقَدْ ظَهَرَ لَكَ مِنْ تَقْرِيرِ حُجَّةِ النَّافِي وَالْمُثْبِتِ صِحَّةُ الْمَأْخَذِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِلْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنَّ النَّافِيَ نَظَرَ إِلَى عَيْنِ هَذِهِ الصَّلَاةِ، وَأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَفْعَالٍ مَنْهِيٍّ عَنْهَا، فَحَكَمَ بِبُطْلَانِهَا، وَالْمُثْبِتُ نَظَرَ إِلَى جِنْسِ الصَّلَاةِ وَحَقِيقَتِهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ مَطْلُوبَةٌ لِلشَّرْعِ، لَا مِنْ جِهَةِ وُقُوعِهَا فِي مَوْضِعٍ مَغْصُوبٍ، فَتَحَقَّقَ لَهُ الْجِهَتَانِ.
قَوْلُهُ: «وَأَيْضًا طَاعَةُ الْعَبْدِ وَعِصْيَانُهُ بِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أُمِرَ بِخِيَاطَتِهِ فِي مَكَانٍ نُهِيَ عَنْ دُخُولِهِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ» .
هَذِهِ حُجَّةٌ أُخْرَى لِمَنْ صَحَّحَ الصَّلَاةَ. وَقَوْلُنَا: طَاعَةُ الْعَبْدِ مُبْتَدَأٌ، وَعِصْيَانُهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَ«يَدُلُّ عَلَيْهِ» خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، تَقْدِيرُهُ طَاعَةُ الْعَبْدِ وَعِصْيَانُهُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ يَدُلُّ عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْوَاحِدَ بِالشَّخْصِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْرِدًا لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ جِهَتَيْنِ.
وَتَقْرِيرُ الْحُجَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: خِطْ هَذَا الثَّوْبَ، وَلَا تَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ، فَخَاطَ الْعَبْدُ الثَّوْبَ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ، لَعُدَّ مُطِيعًا لِسَيِّدِهِ عَاصِيًا لَهُ بِاعْتِبَارِ الْجِهَتَيْنِ، أَيْ: مُطِيعًا لَهُ مِنْ جِهَةِ امْتِثَالِ أَمْرِهِ بِخِيَاطَةِ الثَّوْبِ، عَاصِيًا لَهُ مِنْ جِهَةِ ارْتِكَابِ نَهْيِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ الَّتِي نَهَاهُ عَنْ دُخُولِهَا.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَالصَّلَاةُ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَغْصُوبِ مِثْلُهَا سَوَاءٌ، لِأَنَّ اللَّهَ ﷾ أَمَرَ عَبْدَهُ بِالصَّلَاةِ وَنَهَاهُ عَنِ الْغَصْبِ، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا كَمَا جَمَعَ الْعَبْدُ الْخَيَّاطُ بَيْنَ خِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَدُخُولِ الدَّارِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ حَرَكَةَ الْعَبْدِ الْخَيَّاطِ فِي الدَّارِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ دُخُولِهَا، وَحَرَكَةَ الْمُصَلِّي
1 / 368