شرح مختصر الروضة
شرح مختصر الروضة
پژوهشگر
عبد الله بن عبد المحسن التركي
ناشر
مؤسسة الرسالة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَلَمَّا كَانَ الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ مِمَّا لَا يَسْتَغْنِي الْعَاقِلُ عَنْهُمَا، لِأَنَّ الْعِلْمَ زِينَةُ النَّفْسِ وَكَمَالُهَا وَحِلْيَتُهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْعَمَلَ سَبَبُ سَلَامَتِهَا فِي مَعَادِهَا، وَحُلُولِهَا بِالْمَرَاتِبِ الْفَاخِرَةِ، سَأَلَ اللَّهَ ﷾ أَنْ يُبَلِّغَهُ مِنْهُمَا نِهَايَةَ سُؤْلِهِ، وَغَايَةَ أَمَلِهِ. وَنِهَايَةُ الشَّيْءِ وَغَايَتُهُ: عِبَارَةٌ عَنْ آخِرِهِ وَمَوْضِعِ انْقِطَاعِهِ. وَلَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ مَخْلُوقًا مُتَنَاهِيًا كَانَ أَمَلُهُ كَذَلِكَ، وَالسُّؤْلُ مَهْمُوزًا: مَا يَسْأَلُهُ الْإِنْسَانُ، وَقُرِئَ: ﴿قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى﴾ [طه: ٣٦] بِالْهَمْزِ. وَلِمَا صَحَّ وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ خَيْرِ النَّاسِ فَقَالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ ". وَعَنْ شَرِّ النَّاسِ، فَقَالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَكَانَ ذَلِكَ أَيْضًا مُتَقَرِّرًا فِي الْعُقُولِ الصَّحِيحَةِ ضَرُورَةً، أَوْ بِوَاسِطَةِ النَّظَرِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِمَّا أَنْ يَطُولَ عُمُرُهُ أَوْ يَقْصُرَ، وَعَلَى هَذَيْنِ التَّقْدِيرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَسُوءَ عَمَلُهُ أَوْ يَحْسُنَ، فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، خَيْرُهَا مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَشَرُّهَا مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ، وَبَيْنَهُمَا وَاسِطَتَانِ، خَيْرُهُمَا مَنْ قَصُرَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَشَرُّهُمَا مَنْ قَصُرَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ، سَأَلْتُ اللَّهَ ﷾ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ بِطُولِ الْعُمُرِ مَعَ حُسْنِ الدِّينِ وَصَلَاحِ الشَّأْنِ.
1 / 81