245

شرح مختصر الروضة

شرح مختصر الروضة

ویرایشگر

عبد الله بن عبد المحسن التركي

ناشر

مؤسسة الرسالة

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَيْ حَالُهُ مُنْحَصِرَةٌ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَإِذَا كَانَتْ تَصْلُحُ لِلتَّرْتِيبِ وَالْحَصْرِ لَمْ تَتَعَيَّنْ لِأَحَدِهِمَا إِلَّا بِدَلِيلٍ أَوْ قَرِينَةٍ، فَإِذَا انْتَفَى أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَعْنِي التَّرْتِيبَ أَوِ الْحَصْرَ، فَيَتَعَيَّنُ الْآخَرُ.
وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ، مَعْنَاهَا حَصْرُ الْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْكَامِلَةِ، مِنَ الشَّهَادَةِ فِي الْأَمْوَالِ، فِي الرَّجُلَيْنِ، وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ. أَمَّا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ، أَوِ النُّكُولُ وَالْيَمِينُ، فَلَيْسَ حُجَّةً كَامِلَةً مِنَ الشَّهَادَةِ الْمَحْضَةِ، بَلْ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا، وَهُوَ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ.
قُلْتُ: هَذَا حَاصِلٌ جَوَابُهُ، وَهُوَ جَيِّدٌ، غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ: صِيغَةُ الشَّرْطِ لَا تَحْسُنُ إِلَّا فِي التَّرْتِيبِ وَالْحَصْرِ، فَإِذَا انْتَفَى أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ، فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ قَدْ جَاءَتْ لِمَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ التَّسْوِيَةُ فِي أَصْلِ الْمَقْصُودِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي كَمَالِهِ.
كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ وَقَدْ أُغِيرَ عَلَى أَمْوَالِهِ فَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ إِلَّا أَعْنُزٌ:
إِذَا مَا لَمْ يَكُنْ غَنَمٌ فَمِعْزًى ... كَأَنَّ قُرُونَ جِلَّتِهَا عِصِيُّ
فَتَمْلَأُ بَيْتَنَا أَقِطًا وَسَمْنًا ... وَحَسْبُكَ مِنْ غِنًى شِبَعٌ وَرِيٌّ
أَيِ: الْمَقْصُودُ مِنَ الْغَنَمِ حَاصِلٌ مِنَ الْمِعْزَى، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْغَنَمِ أَكْمَلَ، وَهَذَا الْمَعْنَى بِالْآيَةِ أَنْسَبُ، أَيْ: مَقْصُودُ الشَّاهِدَيْنِ حَاصِلٌ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الرَّجُلَيْنِ أَكْمَلَ، لِبُعْدِهِمَا عَنِ الْغَلَطِ، وَاحْتِيَاجِهِمَا إِلَى التَّذَاكُرِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْمَرْأَتَيْنِ: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٨٢]، وَلِهَذَا قُلْنَا: لَا يَتَرَجَّحُ الرَّجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، لِحُصُولِ أَصْلِ

1 / 296