17

شرح مختصر الروضة

شرح مختصر الروضة

ویرایشگر

عبد الله بن عبد المحسن التركي

ناشر

مؤسسة الرسالة

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

أَحْمَدُكَ عَلَى مَا أَسَلْتَ مِنْ وَابِلِ الْآلَاءِ، وَأَزَلْتَ مِنْ وَبِيلِ اللَّأْوَاءِ، وَأَسْبَلْتَ مِنْ جَمِيلِ الْغِطَاءِ، وَأَزْلَلْتَ مِنْ كَفِيلِ الْإِحْسَانِ.
ــ
قَوْلُهُ: «أَحْمَدُكَ عَلَى مَا أَسَلْتَ مِنْ وَابِلِ الْآلَاءِ، وَأَزَلْتَ مِنْ وَبِيلِ اللَّأْوَاءِ، وَأَسْبَلْتَ مِنْ جَمِيلِ الْغِطَاءِ، وَأَزْلَلْتَ مِنْ كَفِيلِ الْإِحْسَانِ» .
أَحْمَدُكَ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْحَمْدُ نَقِيضُ الذَّمِّ، تَقُولُ: حَمِدْتُ الرَّجُلَ أَحْمَدُهُ حَمْدًا وَمَحْمَدَةً، فَهُوَ حَمِيدٌ وَمَحْمُودٌ، وَالتَّحْمِيدُ أَبْلَغُ مِنَ الْحَمْدِ، وَالْحَمْدُ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ.
قُلْتُ: أَمَّا أَنَّ التَّحْمِيدَ أَبْلَغُ، فَلِأَنَّ بِنَاءَهُ - وَهُوَ التَّفْعِيلُ - يُفِيدُ التَّكْثِيرَ وَالتَّكْرَارَ، وَالْكَثِيرُ أَبْلَغُ مِنَ الْقَلِيلِ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَأَمَّا أَنَّ الْحَمْدَ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ، فَلِأَنَّ الشُّكْرَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى الصَّنِيعَةِ الْمُعْتَدِيَةِ إِلَى الْغَيْرِ، وَالْحَمْدُ يَكُونُ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى الصِّفَاتِ اللَّازِمَةِ، كَالشَّجَاعَةِ وَالْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَنَحْوِهِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي «شَرْحِ الْفَصِيحِ»: الشُّكْرُ لَا يَكُونُ إِلَّا مُجَازَاةً، وَالْحَمْدُ يَكُونُ ابْتِدَاءً وَمُجَازَاةً. قُلْتُ: هُوَ مَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ، وَقِيلَ: الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ سِيَّانِ، وَقِيلَ: الْحَمْدُ بِالْقَوْلِ وَالشُّكْرُ بِالْفِعْلِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَأَسَلْتَ: أَجْرَيْتَ إِجْرَاءً مُتَتَابِعًا بِشِدَّةٍ، وَمِنْهُ السَّيْلُ لِلْمَطَرِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَالْوَابِلُ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ، يُقَالُ: وَبَلَتِ السَّمَاءُ تَبِلُ، وَأَرْضٌ مَوْبُولَةٌ. وَالْآلَاءُ: النِّعَمُ،

1 / 68