167

شرح مختصر الروضة

شرح مختصر الروضة

ویرایشگر

عبد الله بن عبد المحسن التركي

ناشر

مؤسسة الرسالة

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِفِعْلِهَا حَالَ الْكُفْرِ، وَلَكِنَّهُ مُكَلَّفٌ بِالْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْفُرُوعِ، بِشَرْطِ تَقْدِيمِ الْإِسْلَامِ.
الْفَرْعُ الثَّانِي: وَقَعَ النِّزَاعُ بَيْنَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فِي سَنَتِنَا هَذِهِ - وَهِيَ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسَبْعِمِائَةٍ لِلْهِجْرَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى مُنْشِئِهَا - فِي أَنَّ الْجِنَّ مُكَلَّفُونَ بِفُرُوعِ الدِّينِ أَمْ لَا؟
وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا شَيْخُنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ تَيْمِيَةَ بِالْقَاهِرَةِ - أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَجَابَ فِيهَا بِمَا مُلَخَّصُهُ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِهَا بِالْجُمْلَةِ، لَكِنْ لَا عَلَى حَدِّ تَكْلِيفِ الْإِنْسِ بِهَا، لِأَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِلْإِنْسِ بِالْحَدِّ فَبِالضَّرُورَةِ يُخَالِفُونَهُمْ فِي بَعْضِ التَّكَالِيفِ.
قُلْتُ: مِثَالُهُ، أَنَّ الْجِنَّ قَدْ أُعْطِيَ بَعْضُهُمْ قُوَّةَ الطَّيَرَانَ فِي الْهَوَاءِ، فَهَذَا يُخَاطَبُ بِقَصْدِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ لِلْحَجِّ طَائِرًا.
وَالْإِنْسَانُ لِعَدَمِ تِلْكَ الْقُوَّةِ فِيهِ، لَا يُخَاطَبُ بِذَلِكَ، فَهَذَا فِي طَرَفِ زِيَادَةِ تَكْلِيفِهِمْ عَلَى تَكْلِيفِ الْإِنْسِ.
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ نَقْصِ تَكْلِيفِهِمْ عَنْ تَكْلِيفِ الْإِنْسِ، فَكُلُّ تَكْلِيفٍ يَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ طَبِيعَةِ الْإِنْسِ، يَنْتَفِي فِي حَقِّ الْجِنِّ، لِعَدَمِ تِلْكَ الْخُصُوصِيَّةِ فِيهِمْ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى تَكْلِيفِ الْجِنِّ بِالْفُرُوعِ، الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ - النَّبِيَّ ﷺ أُرْسِلَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ إِلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، فَجَمِيعُ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ مُتَوَجِّهَةٌ إِلَى الْجِنْسَيْنِ، وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ

1 / 218