141

شرح مختصر الروضة

شرح مختصر الروضة

پژوهشگر

عبد الله بن عبد المحسن التركي

ناشر

مؤسسة الرسالة

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنْتُمْ سُكَارَى - أَيْ أَدْعُوكُمْ وَأُخَاطِبُكُمْ وَأَنْتُمْ سُكَارَى - لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ، وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْقُرْآنِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ خِلَافُ ذَلِكَ ظَاهِرَ الْكَلَامِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ خِلَافَ صَرِيحِهِ وَنَصِّهِ الْقَاطِعِ.
قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَنْبَغِي أَنَّ يُسَمَّى هَذَا الْوَجْهُ تَأْوِيلًا، بَلْ هُوَ مَنْعٌ.
وَتَقْرِيرُهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْآيَةَ خِطَابٌ لِلسُّكَارَى، بَلْ لِلصُّحَاةِ، بِأَنْ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ سُكَارَى، وَفِي حَالِ السُّكْرِ يَنْقَطِعُ عَنْهُمُ الْخِطَابُ.
وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ خِطَابٌ لِلسُّكَارَى، فَالْمُرَادُ مِنْهُمْ «مَنْ وُجِدَ مِنْهُ مَبَادِي النَّشَاطِ وَالطَّرَبِ، وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ»، وَهَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الثَّانِي «جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ» . أَيْ: يَجِبُ تَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ جَمْعًا، أَيْ: لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَهِيَ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي أَشْعَرَتْ بِخِطَابِ السَّكْرَانِ، وَعَدَمِ الْفَهْمِ، الَّذِي دَلَّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ خِطَابِهِ، وَكَانَ تَأْوِيلُ الْآيَةِ وَحَمْلُهَا عَلَى مَا يُوَافِقُهُ مُتَعَيِّنًا لِتَعَذُّرِ الْعَكْسِ، إِذِ الْقَاطِعُ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ فِي جَوَابِ الْآيَةِ، كَانَ بِاعْتِبَارِ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ حِينَ كَانَتِ الْخَمْرُ مُبَاحَةً، أَمَّا الْآنَ، فَقَدْ حُرِّمَ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، وَالسُّكْرُ مِنْهَا وَمَبَادِيهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا مَعَ وُضُوحِهِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا اشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ النَّشْأَةِ، حَيْثُ يَرَى النَّاسَ يَتَأَوَّلُونَهَا عَلَى مَنْ وُجِدَتْ مِنْهُ مَبَادِي النَّشَاطِ وَالطَّرَبِ، فَيَظُنُّ ذَلِكَ مُبَاحًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ، خُصُوصًا إِنْ كَانَ قَدْ سَمِعَ أَنَّ دَاوُدَ الظَّاهِرِيَّ يَقُولُ بِطَهَارَتِهَا، وَأَنَّ بَعْضَ الْمُتَكَلِّمِينَ

1 / 192