شرح مختصر الصارم المسلول - محمد حسن عبد الغفار
شرح مختصر الصارم المسلول - محمد حسن عبد الغفار
ژانرها
قصة ابن خطل وإهدار النبي ﷺ لدمه
- كذلك من هذه الأحاديث: قصة ابن خطل، وهي قصة رائعة جدًا تثبت لك أنه لا هوادة بحال من الأحوال مع من سب رسول الله ﷺ، ابن خطل هذا كان مسلمًا، فمر ذات مرة في الصحراء مع صحابي من صحابة رسول الله ﷺ وعندهم إبل الصدقة، فقد بعثهم النبي ﷺ ليجمعوها، فأمر ابن خطل الصحابي -وكان من وجهاء مكة- أن يصنع له طعامًا فأبى، فليس عبدًا عنده ولا أسيرًا، فأبى أن يصنع له طعامًا فماذا كانت النتيجة؟ قام فقتل صاحب رسول الله ﷺ، ثم أخذ إبل الصدقة؛ فخشي على نفسه، وقال: محمد لن يتركني - بأبي هو وأمي ﷺ -فرجع إلى مكة وارتد، ثم بعد ذلك أخذ يهجو رسول الله وينتقص من قدره، واتخذ جاريتين تغنيان بهجاء رسول الله ﷺ، وتغنيان بالسب في رسول الله ﷺ بأبي هو وأمي، فدخل النبي ﷺ مكة وأمر بقتله.
أولًا: حديث ابن أبي السرح هل فيه دلالة على الكلام على المسلم؛ لأننا الآن بصدد الكلام على المسلم؟ ثانيًا: هل يصح هذا الحديث أن يستدل به على مسألة المسلم؟ وهل القتل الذي أمر به النبي ﷺ للردة أم لا؟ يعني: أمر النبي ﷺ بقتل ابن أبي السرح هل هو لردته؟ فإن كان لردته فهل يكون دليلًا على أن الذي يسب النبي ﷺ يقتل أم شيء فوق ذلك؟.
ابن أبي السرح كان مسلمًا، فارتد وتكلم على رسول الله ﷺ، فهل أمر النبي ﷺ بقلته جزاء للردة أم لشيء فوق الردة؟ ابن خطل ارتد وكان أحرى بنا أن نأتي بالكلام على هذا الحديث في الكلام على المرتد، لكن هنا ابن خطل لما سب رسول الله ﷺ ذهب، ولما علم أنه ﷺ دخل مكة تعلق بأستار الكعبة، وهذا إشارة إلى الإسلام، فقالوا لرسول الله: إنه تعلق بأستار الكعبة؛ فقال النبي ﷺ: (إن وجدتموه قد تعلق بأستار الكعبة فاقتلوه) فقاموا فقتلوه، وجه الدلالة من هذا الحديث: أنه إذا كان مسلمًا وارتد فيمكن من مقاصد الشريعة أن النبي ﷺ يتسامح معه ويعرض عليه التوبة؛ لأن من مقاصد الشريعة تشوف الإسلام لإسلام الكافر، فإن كان الإسلام متشوفًا لإسلام الكافر فـ ابن خطل إن رجع عن دينه فالإسلام متشوف أيضًا لإسلامه، ومع ذلك النبي ﷺ لم يعطه هذه الفرصة، وقتله تغليظًا عليه؛ لأنه انتقص من قدر رسول الله ﷺ.
فالسبب الرئيسي الذي جعل النبي ﷺ يأمر بقتل ابن خطل مع عدم التجرؤ من الصحابة على القتل في الحرم؛ لأن القتل في الحرم ممنوع، بل بين النبي ﷺ في فتح مكة أنها ما أحلت له إلا ساعة واحدة من نهار، ومع ذلك قال فيه النبي ﷺ: (لو تعلق بأستار الكعبة فاقتلوه).
وهذا لعظم الجرم حيث أنه قد أساء إلى رسول الله ﷺ، وانتقص من رسول الله ﷺ.
نكتفي بهذا القدر، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
4 / 12