317

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

ویرایشگر

د. عبد الحميد هنداوي

ناشر

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

محل انتشار

الرياض

ژانرها

٢٨٦ - وعن عثمان، قال رسول الله ﷺ: «ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها؛ إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله». رواه مسلم. [٢٨٦]
ــ
يكون مصدرًا، أي مشت المشية، كقوله ﷺ: «واجعله الوارث منا» أي اجعل الجعل. و«بعينيه»، و«يداه»، و«رجلاه» كلها تأكيدات تفيد مبالغة في الإزالة.
الحديث الخامس عن عثمان: قوله: «صلاة مكتوبة» أي مفروضة، من كتب كتابًا إذا فرض، وهو مجاز؛ فإن الحاكم إذا كتب شيئًا كان ذلك حكمًا وإلزامًا. والخشوع في الصلاة خشية القلب، وإلزام البصر موضع السجود، وجمع الهمة لها، والإعراض عما سواها، ومن الخشوع أن يستعمل الآداب، فيتوقى كف الثوب، والعبث بجسده وثيابه، والالتفات، والتمطي، والتثاؤب، والتغميض، ونحوها.
«تو»: اكتفي بذكر الركوع عن السجود لأنهما ركنان متعاقبان، فإذا حث علي إحسان أحدهما حث علي الآخر، وفي تخصيصه بالذكر تنبيه علي أن الأمر فيه أشد، فافتقر إلي زيادة توكيد؛ لأن الراكع يحمل نفسه في الركوع، ويتحامل في السجود علي الأرض. «قض» و«شف»: تخصيص الركوع بالذكر تحريض عليه؛ فإنه من خصائص المسلمين.
أقول: لعل هذا علي الغالب؛ لما قال تعالي لمريم: ﴿اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين﴾ قيل: أمرت بأن تركع مع الراكعين، ولا تكون مع من لا يركع. والأولي أن يقال: إنما خص الركوع بالذكر دون السجود لاستتباعه السجود؛ إذ لا يستقل عبادة وحده، بخلاف السجود فإنه يستقل عبادة، كسجدة التلاوة والشكر.
قوله: «ما لم يؤت» «تو»: إن إثبات يأت علي بناء الفاعل في كتاب المصابيح غير سديد؛ لأن الحديث من مفاريد مسلم، ولم يروه إلا من الإيتاء، وإن كان «لم يأت» أوضح معنى من قولهم: أتى فلان حدًا وأتى منكرًا، لكن الذي يعتمد عليه من جهة الرواية هو الإيتاء. ومنهم من يروى علي بناء المفعول، والمعنى ما لم يعمل كبيرة، وضع الإيتاء موضع العمل؛ لأن العامل يعطي العمل من نفسه، قال الله تعالي: ﴿ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها﴾ أي لأعطوا ذلك من أنفسهم. ويحتمل أن يكون معنى بناء المفعول ما لم يصب بكبيرة، من قولهم: أتى فلان في بدنه، أي أصابته علة. والواو في قوله: «وذلك الدهر كله» للحال، وذو الحال المستتر في خبر كانت، وهو قوله: «كفارة».
«شف»: المشار إليه إما تكفير الذنوب، أي تكفير الصلاة المكتوبة الصغائر لا يختص بفرض واحد، بل فرائض الدهر تكفر صغائره، وإما معنى «ما لم يؤت كبيرة» هو عدم الإتيان

3 / 745