شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)
ویرایشگر
د. عبد الحميد هنداوي
ناشر
مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
محل انتشار
الرياض
ژانرها
ــ
طرفه، وحروف التهجي سميت بذلك؛ لأنها أطراف الكلمة، والمراد بالأحرف في الحديث أطراف اللغة العربية، فكأنه قال: على سبع لغات من لغات العرب: كقريش، وثقيف، وطيء، وهوازن، وأهل اليمن. والنبي ﷺ أرسل إلى كافة الخلائق بهذا الكتاب المبارك، وعامة العرب كانت قبائلهم شتى ولغاتهم مختلفة، وكانوا أمة أمية، فلو كلفوا بالقراءة على حرف واحد لشق عليهم؛ لأنه لو كلف أهل قبيلة أن يقرأ بلغة قبيلة أخرى لم يستطع، وتعذر عليه، ومن نظائره القسم المشترك نحو: الإمالة، والوقف، وتخفيف الهمزة، والتقاء الساكنين، والزيادة والإبدال، والإدغام، فالقريشي إذا كلف الهمز، واليمني إذا كلف تركه، والأسدى إذا كلف الفتح في حروف المضارع عسر عليهم، قال الله تعالى: ﴿وما جعل عليكم في الدين من حرج﴾. وكان من فضل الله ورحمته على هذه الأمة المرحومة إلهام نبيها أن يسأل التخفيف في ذلك، حتى رخص لهم فيه إذا كان المعنى واحدًا.
ومن الدليل على صحة ما ذكرناه ما روى أن النبي ﷺ أتاه جبريل، فقال: إن الله تعالى يأمرك أن تقرأ أنت وأمتك على حرف واحد، فقال رسول الله ﷺ: أسأل الله ﷿ معافاته، ومغفرته، إن أمتي لا تطيق ذلك. ثم رجع إليه الثانية فقال: «إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرفين»، وساق الحديث إلى قوله: «أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف، كلما قرءوا بها أصابوا».
وأقول: ينبغي على هذا أن ينزل قوله: «لكل آية منها» إلى آخره، على معنى الاختلاف في القراءات كما فعل المظهر، حيث قال: حرف حد، ولكل حرف مطلع، يعني حد كل حرف معلوم في التلاوة، لا يجوز مخالفتها، مثل عدم جواز إبدال الضاد بحرف آخر، وكذلك سائر الحروف لا يجوز إبدالها بآخر إلا ما جاء في القراءة، ولا ينزل على غيره هذه المعاني؛ لئلا يختل نظم الحديث. فيلزم من هذا التأويل أن يكون لكل حال من أحوال الكلمة- كالإمالة، وإبدال الحرف، والإدغام مثلًا- ظهر وبطن، وحد ومطلع، فيفوت ما يقصد من معنى الحديث كما سنبينه.
«قض»: قيل: أراد بـ «سبعة أحرف» أجناس الاختلاف التي تؤول إليها الاختلاف القراءة، وأن اختلافها إما أن يكون في المفردات أو المركبات، والثاني كالتقديم والتأخير، مثل: ﴿وجاءت سكرة الموت بالحق﴾، وجاءت سكرة الحق بالموت. والأول إما أن يكون بوجود الكلمة وعدمها، مثل: ﴿فإن الله هو الغني الحميد﴾، وقرئ بالضمير وعدمه. أو بتبديل الكلمة بغيرها مع اتفاق المعنى، مثل: ﴿كالعهن المنفوش﴾ والصوف المنفوش. واختلافه.
2 / 692