شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)
پژوهشگر
د. عبد الحميد هنداوي
ناشر
مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
محل انتشار
الرياض
ژانرها
فنجوا. وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم. فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومن عصاني وكذب ما جئت به من الحق». متفق عليه.
١٤٩ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «مثلي كمثل رجل استوقد نارًا، فلما أضاءت ما حولها، جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها، فأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم
ــ
القرينة الأولى: فأطاعني، وقابله في الثانية: بكذب؛ ليؤذن بأن الإطاعة مسبوقة بالتصديق، ويشعر أن التكذيب مستتبع للعصيان، كأنه جمع في كل من الفقرتين بين المعنيين، وإلى المعنيين أشار بقوله ﵊: «من أطاعني» إلى آخره. وأتبع قوله: «اجتاحهم» قوله: «أهلكهم» إعلامًا بأنه أهلكهم عن آخرهم، فلم يبق منهم أحد. «شف»: ذكر العينين إرشاد إلى أنه ﷺ تحقق عنده جميع ما أخبر عنه تحقق من رأى شيئًا بعينيه، لا يعتريه وهم ولا يخالطه شك. والله أعلم.
الحديث العاشر عن أبي هريرة ﵁: قوله: «استوقد» بمعنى أوقد، ولكن الأول أبلغ، كعف واستعف. «والإضاءة» فرط الإنارة، واشتقاقه من الضوء، وهو ما انتشر من الأجسام النيرة، ويقال: أضاءت النار، وأضاءت غيرها، يتعدى ولا يتعدى، فإن جعل متعديًا يكون «ما حوله» مفعولا به، وإن جعل لازمًا يجوز أن يكون «ما حوله» فاعلا له على تأويل الأماكن، ويجوز أن يكون فاعله ضمير النار، «وما حوله» ظرف، فيجعل حصول إشراق النار في جوانبها بمنزلة حصولها نفسها فيها مبالغة. وحول الشيء جانبه الذي يمكنه أن يحول إليه، أو سمى بذلك اعتبارًا بالدوران والإطافة، ويقال للعام حول؛ لأنه يدور. وفي رواية مسلم: «ما حولها» فيكون الضمير راجعًا إلى النار. وفي رواية البخاري: «ما حوله» كما في التنزيل، والضمير راجع إلى المستوقد. والفراش ما يتعاقب في النار.
قوله: «فيتقحمن فيها» التقحم الإقدام والوقوع في الأمور الشاقة من غير تثبت. قوله: «أنا آخذ بحجزكم» الحجز جمع حجزة، وهي معقد الإزار والسراويل. قال الشيخ الإمام محيي الدين: «أنا آخذ بحجزكم» يروى بوجهين: أحدهما اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الذال، والثاني فعل مضارع بضم الخاء، والأول أشهر، وهما صحيحان.
2 / 613