84

شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الثاني

شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الثاني

پژوهشگر

الدكتور مُصْطفى عليَّان

ناشر

مؤسسة الرسالة

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

ژانرها

ثم قال: فاتت بي تلك السوابق المهالك التي طلبتني مجتهدة، وصممت نحوي معتزمة، حتى قالت وقد فتها ونادت وقد أعجزتها: ماذا لقينا من الجرد السراحيب، التي حمت من كنا نطلبه، ومنعت مما كنا نرجوه ونرتقبه؟! تَهْوي بِمُنْجَردٍ لَيْسَتْ مَذَاهِبهِ ... لِلُبْسِ ثَوْبٍ ومَأْكُولٍ ومَشْرُةبِ يَرْمي النُّجومَ بِعَيْنَيْ مَنْ يُحاوِلُها ... كأَنَّها سَلَبٌ في عَيْنِ مسْلُوبِ تهوي: تنصب في العدو، والمنجرد: المجد في الذهاب. فيقول: والسوابق التي ذكر أنها تهوي منه، بمجد معتزم، ومستبصر مجتهد، ليس مذهبه في أن يستجد الملابس، ويتخير المطاعم والمشارب، وإنما مذهبه في ابتناء المكارم، واحتياز المفاخر، والوصول إلى أجل المراتب. ثم قال على نحو ما قدمه: يرمي النجوم بعيني من يحاول مواضعها، ويروم تناولها، حنى كأنه لاستبصاره في ذلك ينظر منها إلى سلب سلبه، ومنع منه، وملك كان بيده فدفع عنه. حَتَّى وَصَلْتُ إلى نَفْسٍ مُحَجَّبَةٍ ... تَلْقَى النُّفوسَ بِفَضْلٍ غَيرِ مَحْجُوبِ في جِسْم أَرْوَعَ صَافِي العَقْلِ تُضْحِكُهُ ... خَلائِقُ النَّاسِ إِضْحَاكَ الأَعَاجِيْبِ فالحَمْدُ قَبْلُ لَهُ، والحَمْدُ بَعْدُ لها ... ولِلْقَنَا ولإدْلاَجِي وتَأْويْبي الإدلاج: سير الليل، والتأويب: سير النهار، والأروع: ذو الجسم والهيئة. فيقول: حتى وصلت إلى كافور، فشهدت منه نفسا محجبة؛ بعلو المرتبة، مستترة بعظم المملكة، وفضلها ظاهر لا يحجب، وجودها قريب لا يمتنع. ثم قال: وتلك النفس الكريمة العنصر، الرفيعة الموضع، في جسم ملك أروع، صافي الإدراك والعقل، محسن في القول والفعل، تضحكه خلائق الناس؛ بتقصيرها عن التمام، وعدولها إلى النقصان، إضحاك الأعاجيب التي ينكرها مشاهدها، والغرائب التي يستبعدها معايبها.

1 / 84