Sharh Luma'at al-I'tiqad - Yusuf al-Ghafis

يوسف الغفيص d. Unknown
129

Sharh Luma'at al-I'tiqad - Yusuf al-Ghafis

شرح لمعة الاعتقاد - يوسف الغفيص

ژانرها

الإيمان بنبوة محمد ﷺ من أركان الإسلام قال الموفق ﵀: [ومحمد رسول الله ﷺ خاتم النبيين وسيد المرسلين، لا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته، ولا يقضى بين الناس في القيامة إلا بشفاعته]. هنا مسألة تكلم عنها كثير من المتأخرين من أهل العلم، وهي: من شهد أن لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمدًا رسول الله، فهل يقال: إنه بشهادة أن لا إله إلا الله دخل الإسلام ويعتبر مسلمًا، أم يقال: إنه لا يدخل الإسلام إلا بالشهادتين معًا؟ الجواب: لا يثبت الإيمان والإسلام إلا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، لكن هل يلزم على هذا أن من قال: لا إله إلا الله وقصد بها الدخول في دين الإسلام، والبراءة من الكفر، وهو على إقدام في قلبه بذكر شهادة أن محمدًا رسول الله، وبمن جاء به نبيًا رسولًا، وهو محمد ﵊، من قال هذه الكلمة وقصد معنى شهادة أن محمدًا رسول الله في ضمنها؛ فإن هذا دخل في الإسلام إجماعًا، وما حَكَمَ من المتأخرين بخلافه فليس بصحيح؛ لأن لا إله إلا الله تتضمن الدين كاملًا، ولهذا يقال: من كفر برسول الله فقد كفر بالله، إذًا: يحمل حسب المعاني القائمة في القلب. أما من قال: لا إله إلا الله ولم يقصد الإيمان برسوله، وإنما قال: أنا أؤمن بالتوحيد دون أن يلزم بشريعة محمد ويكون على شريعة غيره أو ما إلى ذلك، هذا لم يكن مسلمًا، وكثير من المتأخرين يقول: لأنه لم يصرح بشهادة أن محمدًا رسول الله ..، والصواب أنه كفر؛ لأن قوله: لا إله إلا الله ليست صحيحة، فإن من يقول: لا إله إلا الله ولا يؤمن برسول الله شهادته بالتوحيد شهادة باطلة؛ لأن معنى لا إله إلا الله: أن الله هو المعبود وحده بما شرع، فمن يقول بالتوحيد دون شريعة محمد فحقيقة قوله: أن الله معبود عنده بما يهواه، وليس بما شرع الله، والتوحيد شريعة وإخلاص، ولهذا فإن من عبد الله بهواه لا يكون عابدًا له، وكذا كل من انسلخ من الشريعة لم يكن محققًا للإخلاص والتوحيد، إلا أصحاب الشرائع النبوية، ولهذا فإن من فسدت شريعته في أصولها فسد توحيده كاليهود والنصارى، فإنه لما فسدت شريعتهم دخل عليهم الشرك، وهكذا. أيضًا: كلمة لا إله إلا الله تتضمن الرسالة النبوية، وكلمة الرسالة النبوية تتضمن التوحيد، وعليه فإذا قيل: هل يدخل الإسلام بلا إله إلا الله أو بالثانية معها؟ قيل: هذا بحسب المقامات والمعاني، ولهذا من يقول من المتأخرين: إنه لا بد من ذكر محمد رسول الله. نقول: نعم، لا شك أن من لم يؤمن برسول الله فهو كافر، وأن الشهادة له ﷺ بالرسالة واجبة معنىً ولفظًا، وركن في الإسلام، فالإسلام بني على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فمن أركان الإسلام النطق بالشهادتين معًا، من لم ينطق بهما، أو امتنع عن النطق بشهادة أن محمدًا رسول الله، وقال: هي قائمة في قلبه لكنه لا يريد أن ينطق بها فإنه يكون كافرًا. لكن من قصد النطق بالابتداء الأول (لا إله إلا الله) فهذا من جنس قول النبي ﷺ لـ أسامة بن زيد لما أدرك الرجل في القتال، فقال الرجل: لا إله إلا الله عندما رفع عليه أسامة السيف وكان الرجل يقاتل المسلمين فقتله أسامة، قال النبي ﷺ: (أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟! فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟!)، ومثله حديث المقداد بن الأسود لما قال: (أرأيت يا رسول الله إن لقيت رجلًا من الكفار فقاتلني، فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله، أفأقتله يا رسول الله؟! قال: لا، قلت: فإن قتلته؟ قال: إن قتلته فإنك بمنزلته قبل أن تقتله، وإنه بمنزلتك قبل أن يقول كلمته التي قال) مع أن الرجل قال: أسلمت لله. إذًا: مسائل الابتداء ليست هي مسائل الثبوت الثاني، ولهذا كان النبي ﷺ يقول لعمه كما في حديث سعيد بن المسيب الذي في الصحيحين: (يا عم! قل: لا إله إلا الله) هل أراد النبي ﷺ أنها تكفيه ولو لم يؤمن بالرسالة؟! كلا، فإن هذه المسألة فيها تفصيل لفظي، وأما معانيها فإنها متفقة.

15 / 4