" ((أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا)) ": لكن جاءت نصوص تدل على أن من ارتكب كذا فعقابه كذا، وعذابه كذا، ومتوعد بالعذاب، متوعد بدخول النار وإن كان موحدا، إذا كان من عصاة الموحدين الذين ارتكبوا بعض الكبائر التي توعد عليها بالنار، هل يعارض هذا ما معنا من الحديث ((أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا))؟
إذا لا يشرك بالله شيئا لكنه شرب الخمر، وتوعد أن يسقى من طينة الخبال، توعد الزاني وهو لا يشرك بالله شيئا.
مقتضى هذا الحديث: " ((حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا)) ": يبقى هذا بإجماله وتلك بتفاصيلها وبيانها لا يعارض بعضها بعضا، فلا تضرب النصوص بعضها ببعض، إن من لا يشرك بالله شيئا أن لا يعذب العصاة، العصاة متوعدون بالعذاب، وهم عند أهل السنة تحت المشيئة.
لكن ألا يمكن أن يطلق الشرك على المعصية؟
((بين العبد وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة))، فالذي يترك الواجبات أو يرتكب المحرمات لا يسلم من شوب شرك، وإن كان لا يخرجه من الملة، لكنه لا يسلم من شوب الشرك؛ لأن الذي بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، ولا شك أن من يترك الأمر أو يرتكب المحظور الممنوع أنه اتبع من دعاه إلى هذا المحظور، اتبعه وجعله إلها أطاعه ولو في هذه المسألة، فلا يسلم من شوب شرك، فلا تعارض.
" ((أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا)) ": نكرة في سياق النفي، فتعم جميع الأشياء، تعم جميع الأشياء.
والشرك .. ، لا يشرك بالله شيئا، أدنى شيء، وأدنى شرك، ومفهومه أن المشرك يعذب؛ {إن الله لا يغفر أن يشرك به} [(48) سورة النساء]، {إن الله لا يغفر أن يشرك به}، فعذابه حتم.
والجمهور على أن الشرك الأكبر لا يمكن .. ، عموم أهل العلم على أن الشرك الأكبر لا يغفر، بينما الخلاف في الشرك الأصغر، الخلاف في الشرك الأصغر، هل يغفر فيدخل تحت المشيئة أو لا يغفر فيدخل تحت عموم الآية: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر} [(48) سورة النساء]؟
صفحه ۲۸