Sharh Kitab Naqd Mutoon Al-Sunnah by Al-Damini - Muhammad Hassan Abdul Ghaffar
شرح كتاب نقد متون السنة للدميني - محمد حسن عبد الغفار
ژانرها
أمثلة على الحديث المقلوب
ومن أمثلة المقلوب: الحديث الذي في صحيح مسلم عن أبي هريرة ﵁ وأرضاه في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله قال: (ورجل أنفق نفقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم يمينه ما أنفقت شماله) فالقلب هنا في قوله: (حتى لا تعلم يمينه ما أنفقت شمال) وقد عرفنا ذلك بجمعنا طرق الحديث، فعند الجمع وجدنا رواية أخرى متفق عليها في البخاري ومسلم: (حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه).
فهذه رواية تدل على أن الحديث قد انقلب على الراوي فقال «حتى لا تعلم يمينه ما أنفقت شماله).
وأيضًا من الأمثلة على القلب حديث أبي هريرة لما فسر قول الله تعالى: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ [ق:٣٠] فقال: (أما النار فيخلق الله لها خلقًا وأما الجنة فما ربك بظلام للعبيد) فهذا فيه قلب، فالله لا يخلق خلقًا ليعذبهم؛ فإن الله قال عن نفسه: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [الحج:١٠].
فانظر ماذا يترتب على القلب في الحديث، فهو وإن لم يكن كذبًا على رسول الله لكنه يؤدي بالمرء أن يعتقد اعتقادًا فاسدًا، فهنا يعتقد أن الله يخلق الخلق ليلقيهم في النار، وهذا تعذيب لهم بغير ذنب، فهذا ظلم والله منزه عنه، وإنما الله يخلق خلقًا ليمتعهم، وهذا من فضل رحمته وكرمه؛ فإن الجنة يبقى فيها متسع فيخلق الله خلقًا للجنة يتمتعون فيها، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، لكن لا يخلق خلقًا يعذبهم بالنار، فهذا قلب، ولذلك لما جمع المحدثون الروايات قالوا: هذا الحديث انقلب على الرواة، والصحيح في تفسير قول الله تعالى: «هَلْ مِنْ مَزِيدٍ» أنه قال: (فأما الجنة فيخلق الله لها خلقًا يمتعهم برحمته، وأما النار فما ربك بظلام للعبيد) أي: لا يخلق لها خلقًا يعذبهم بها، بل يضع قدمه المقدسة في النار فتقول: قط قط، أي: حسبي.
5 / 10