يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب الحج، وهذه الترجمة الكبيرة للكتب، كتاب الإيمان، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الحج .. الخ، هذه التراجم الكبرى من مسلم -رحمه الله تعالى-، وأما التراجم التفصيلية المصدرة بالأبواب فليست من صنيعه -رحمه الله-، ومنهم من يرى أن مسلم مجرد من التراجم كلها، الكبرى والصغرى، فليس فيه بعد المقدمة إلا الحديث السرد، وبهذا فضله بعض المغاربة على صحيح البخاري؛ لكن الأكثر على أن التراجم الكبرى -الكتب- من صنيع مسلم، وأما التراجم التفصيلية بالأبواب فهي من صنيع الشراح، وكثير من أهل العلم اعتمد تراجم النووي -رحمه الله-، وكل شارح يترجم بما يستنبطه من الأحاديث المترجم عليها، بعضهم أعني بعض المغاربة صرح بأن تفضيله لصحيح مسلم على صحيح البخاري أنه مجرد من أقواله ومن أقوال من دون النبي -عليه الصلاة والسلام- من الصحابة والتابعين، ومنهم من يرى أن وجود مثل هذه في صحيح البخاري ميزة، فالاستنباط هو الغاية من ذكر هذه الأدلة، والأدلة إنما جيء بها وجمعت للاستنباط والاستدلال بها، على كل حال تفصيل مثل هذا الكلام له مناسبات أخرى.
يقول -رحمه الله تعالى-: كتاب الحج: الكتاب مصدر كتب يكتب كتابا وكتابة وكتبا، ويقول أهل العلم: أنه من المصادر السيالة التي تحدث شيئا فشيئا، والأمر كذلك، فإن الكتابة لا تحدث دفعة واحدة كالقيام مثلا، إنما تحدث شيئا فشيئا، حرف ثم حرف ثم كلمة ثم أخرى وهكذا، والأصل في المادة التي هي الكتب الجمع، يقال: تكتب بنو فلان، إذا اجتمعوا، وجماعة الخيل كتيبة، ومنه قول الحريري في مقاماته:
وكاتبين وما خطت أناملهم ... حرفا ولا قرؤوا ما خط في الكتب
يريد بذلك الخرازين، الذين يجمعون بين الصفائح –صفائح الجلود- فيخرزونها، وهنا يراد به اسم المفعول المكتوب، الجامع لمسائل الحج، والحج بفتح الحاء وكسرها مصدر حج يحج حجا وحجا، ومنهم من يقول: هو بفتح المصدر، وبالكسر اسم المصدر، على كل حال هو بفتح الحاء وكسرها، وقرئ بهما، والأصل في الحج القصد، ومنهم من يقيد فيقول: القصد إلى المعظم.
وأشهد من عوف حلولا كثيرة ... يحجون سب الزبرقان المزعفرا
صفحه ۱۱