شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - حطيبة
شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - حطيبة
ژانرها
آداب السفر للحج والعمرة وغيرهما
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
الأدب في الحج والعمرة والسفر هام جدًا، فكل إنسان يحب أن يخرج مسافرًا في حج أو عمرة أو زيارة ينبغي له أن يتعلم آداب السفر التي جاءت في سنة النبي صلوات الله وسلامه عليه، وكما جاء عن النبي ﷺ: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
فالمؤمن الذي يحج أو يعتمر يحاول قدر المستطاع أن يتقن في عمله، وأن يخلص، وألا يسيء إلى أحد في سفره، فلا يسيء إلى نفسه ولا إلى غيره.
قال الله ﷿: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة:١٩٧]، فهذه آداب قرآنية يذكرها الله ﷿ لنا فيقول: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة:١٩٧]، أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة.
قوله: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ [البقرة:١٩٧] أي: من ألزم نفسه بالحج بأن يعقد النية في قلبه، وبالتلبية على لسانه، وبلبس الإحرام في أشهر الحج، قال تعالى: «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ»، فهنا ربنا سبحانه يذكر صيغة النفي هنا: (لا رفث)، ومعناها النهي، أي: لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا في الحج.
والرفث: هو الجماع أو التعرض للنساء، أو ذكر الجماع بحضرة الزوجة وغيرها من النساء، والفسوق: هي المعاصي كلها، والجدال المقصود: أن الإنسان لا يماري ولا يجادل رفيقه في السفر، فيزعجه ويؤذيه بذلك.
فقوله سبحانه: «وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ» قال أهل العلم: المراد بالآية النهي عن جدال صاحبه ومماراته حتى يغضبه، وظاهر الآية النفي ومعناها النهي، أي: لا ترفثوا، ولا تفسقوا، ولا تجادلوا في الحج، إلا أنه يجوز للإنسان أن يجادل دفاعًا عن كتاب الله، وعن سنة النبي ﷺ، وعن دين الله ﷿، فهذا أمر آخر، لكن كونه يجادل ليغضب صاحبه، أو يجادل لأنه يظن أنه متمكن ويعرف يتكلم وغيره لا يعرف، فهذا لا يجوز له في أثناء الحج، فقد نهى الله ﷾ عن ذلك.
والمؤمن يوطن نفسه على عدم الجدل لا في حج ولا في غيره، ولذلك جاء عن النبي ﷺ أنه قال: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقًا) أي: لمن ترك الجدل حتى لو كان محقًا، فالمؤمن قدر المستطاع لا يكثر من الكلام ومن اللغو، ولا يجادل إلا إذا احتاج إلى ذلك لنصر دين الله ﷿.
1 / 2