شرح كتاب الإيمان - يوسف الغفيص
شرح كتاب الإيمان - يوسف الغفيص
ژانرها
كلام أبي عبيد عمن قال إن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل
[وكذلك نرى مذهب الفقهاء الذين كانوا يتسمون بهذا الاسم بلا استثناء، فيقولون: نحن مؤمنون، منهم عبد الرحمن السلمي، وإبراهيم التيمي، وعون بن عبد الله، ومن بعدهم، مثل عمر بن ذر، والصلت بن بهرام، ومسعر بن كدام، ومن نحا نحوهم، إنما هو عندنا منهم على الدخول في الإيمان لا على الاستكمال.
ألا ترى أن الفرق بينهم وبين إبراهيم وبين ابن سيرين وطاوس إنما كان أن هؤلاء كانوا به أصلا، وكان الآخرون يتسمون به.
فأما على مذهب من قال: كإيمان الملائكة والنبيين! فمعاذ الله، ليس هذا طريق العلماء، وقد جاءت كراهيته مفسرة عن عدة منهم.
قال أبو عبيد: حدثنا هشيم أو حدثت عنه عن جوير عن الضحاك: أنه كان يكره أن يقول الرجل: أنا على إيمان جبريل وميكائيل ﵉.
قال أبو عبيد: حدثنا سعيد بن أبي مريم المصري عن نافع عن عمر الجمحي قال: سمعت ابن أبي مليكة وقال له إنسان: إن رجلًا في مجالسك يقول: إن إيمانه كإيمان جبرائيل! فأنكر ذلك وقال: سبحان الله! والله لقد فضل جبريل ﵇ في الثناء على محمد صلى الله عليه فقال: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [التكوير:١٩ - ٢١].
قال أبو عبيد: حدثنا عن ميمون بن مهران: أنه رأى جارية تغني فقال: من زعم أن هذه على إيمان مريم بنت عمران فقد كذب.
وكيف يسع أحدًا أن يشبه البشر بالملائكة، وقد عاتب الله المؤمنين في غير موضع من كتابه أشد العتاب، وأوعدهم أغلظ الوعيد، ولا يعلم فعل بالملائكة من ذلك شيئًا فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [النساء:٢٩ - ٣٠] وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة:٢٧٨ - ٢٧٩] وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف:٢] وقال: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد:١٦].
فأوعدهم النار في آية، وآذنهم بالحرب في أخرى.
وخوفهم بالمقت في ثالثة، واستبطأهم في رابعة، وهو في هذا كله يسميهم مؤمنين، فما تشبه هؤلاء من جبريل وميكائيل مع مكانهما من الله؟! إني لخائف أن يكون هذا من الاجتراء على الله والجهل بكتابه].
5 / 8