Sharh Kitab al-Ibana min Usul al-Diyana
شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة
ژانرها
أثر عبد الله بن عمرو بن العاص (كان النفاق غريبًا)
قال: [قال عبد الله بن عمرو بن العاص: كان النفاق غريبًا في الإيمان]، أي: كان النفاق أولًاَ غريبًا في الإيمان، إي والله، ولذا كان من أغرب الغرابة أن ينافق أحد في زمن النبي ﵊، فنحن نتمنى لو أننا رأينا النبي ﵊ ولو في المنام، وهذه عاجل بشرى المؤمن، فما بالك بمن كان يلقاه في كل وقت وحين، ويسمعه يقرأ القرآن الكريم.
وإذا كان الواحد منا إذا استمع مثلًا إلى الشيخ المنشاوي كأن قلبه يحلق في السماء، وهذا الشيخ المنشاوي عنده ما عنده من المعاصي، وعنده ما عنده من الطاعات؛ لأنه فقط لا يخلو مما نحن فيه.
لكن النبي ﵊ الذي ما أتى وما فكر في كبيرة قط، بل عصمه الله ﷿، إنما أوتي من القرآن حلاوة وجمالًا وصوتًا لم يؤته أحد، فتصور أنك تسمع القرآن من النبي ﵊؛ ولذلك كان النبي ﵊ يقرأ القرآن والصحابة خلفه يتمنون أن لو ختم القرآن، أن لو أتى على آخره دون أن يصيبهم ملل.
والشيخ ابن باز عليه رحمة الله يقول عن الشيخ المنشاوي: عجبًا لهذا الرجل، لا يمل السامع من سماعه ولو كرر السورة مئات المرات! فما بالك بالنبي ﵊ وهو يقرأ؟! ومع هذا فإن عبد الله بن أبي ابن سلول الكلب الملعون، ما كفاه الصلاة خلف النبي ﷺ، وسماعه القرآن منه، بل وما كفاه رؤية النبي ﵊، والآيات التي تتنزل من السماء، والمعجزات التي تظهر على يده الشريفة ﵊.
كل هذا لم يغير في قلبه، ولذا فلا يمكن أن يكون هذا قلبًا، بل قطعة من الصخر أو الحجر.
ولذلك استغرب عبد الله بن عمرو بن العاص أن يكون النفاق في زمن النبوة، فقال: كان النفاق غريبًا في الإيمان، أي: في ذلك الوقت.
ثم قال: [ويوشك أن يكون الإيمان غريبًا في النفاق]، وهذا هو الشاهد، أي: أن معظم أبناء الأمة تمرسوا في النفاق حتى صار صاحب الإيمان فيهم غريبًا، ولا زلنا في تفسير الغرباء.
2 / 11