شرح كتاب الفتن من صحيح البخاري - عبد الكريم الخضير
شرح كتاب الفتن من صحيح البخاري - عبد الكريم الخضير
ژانرها
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا شعبة عن علي بن مدرك قال: سمعت أبا زرعة ابن عمرو بن جرير عن جده جرير، قال: قال لي رسول الله ﷺ في حجة الوداع: «استنصت الناس» ثم قال: «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض».
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "باب: قول النبي ﷺ: «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» " لا ترجعوا: يعني لا ترتدوا، بعدي: أي بعد وفاتي، أو بعد كلامي هذا، كفارًا: إما أن يكون الكفر مخرجًا عن الملة، وذلك بالاستحلال، فإذا استحل الإنسان دم أخيه المسلم فإنه يكون بذلك مرتدًا؛ لأنه استحل أمرًا منكرًا مجمعًا عليه معلومٌ تحريمه بالضرورة من دين الإسلام، أو يكون الكفر دون الكفر الأكبر، ولا يخرج حينئذٍ من الملة، لكنه من عظائم الأمور، «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» يعني: يقتل بعضكم بعض، ففيه التحذير الشديد، والوعيد على من ارتكب هذا الأمر الشنيع، وسبق الحديث عن حرمة القتل، وما ورد فيه من نصوص، «ولا يزال المسلم في فسحة من دينه حتى يصيب دمًا حرامًا».
«لا ترجعوا بعدي كفارًا» إما أن يكونوا كفارًا بالمعنى المعروف من الكفر إذا أطلق، وهو الخروج من الملة، أو يكون المراد بذلك التشبيه، يعني كالكفار الذين من شأنهم أن يضرب بعضهم رقاب بعض.
يقول ﵀: "حدثنا عمر بن حفص -بن غياث- قال: حدثني أبي -حفص بن غياث- قال: حدثنا الأعمش -سليمان بن مهران- قال: حدثنا شقيق -هو ابن سلمة أبو وائل- قال: قال عبد الله بن مسعود ﵁: قال النبي ﷺ: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» " «سباب المسلم فسوق» السب: هو الشتم، السب والسباب كلاهما مصدر سب يسب سبًا وسبابًا، ومنهم من يقول: السباب أشد من السب؛ لأن السباب يكون بما في الإنسان وما ليس فيه، بخلاف السب.
3 / 9