595

شرح الكوكب المنير

شرح الكوكب المنير

ویرایشگر

محمد الزحيلي ونزيه حماد

ناشر

مكتبة العبيكان

ویراست

الطبعة الثانية ١٤١٨ هـ

سال انتشار

١٩٩٧ مـ

شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، فَلَمَّا كَانَ كَلامُنَا غَيْرَنَا وَكَانَ مَخْلُوقًا، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَلامُ اللَّهِ لَيْسَ غَيْرَهُ، وَلَيْسَ مَخْلُوقًا١. وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِينَ لِذَلِكَ٢.
وَقَالَ أَيْضًا: اخْتَلَفُوا. فَقَالَتِ٣ الْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ، وَبَعْضُ الزَّيْدِيَّةِ، وَالإِمَامِيَّةِ، وَبَعْضُ الْخَوَارِجِ: كَلامُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، خَلَقَهُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فِي بَعْضِ الأَجْسَامِ، كَالشَّجَرَةِ حِينَ كَلَّمَ مُوسَى٤.
وَحَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يَتَكَلَّمُ، وَإِنْ نُسِبَ إلَيْهِ ذَلِكَ فَبِطَرِيقِ الْمَجَازِ. وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: يَتَكَلَّمُ حَقِيقَةً، لَكِنْ يَخْلُقُ ذَلِكَ الْكَلامَ فِي غَيْرِهِ٥.
وَقَالَتْ الْكَرَّامِيَّةُ: الْكَلامُ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ قَدِيمَةُ الْعَيْنِ، لازِمَةٌ لِذَاتِ اللَّهِ. كَالْحَيَاةِ، وَأَنَّهُ لا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَتَكْلِيمُهُ مَنْ كَلَّمَهُ: إنَّمَا هُوَ خَلْقُ إدْرَاكٍ لَهُ يَسْمَعُ بِهِ الْكَلامَ، وَنِدَاؤُهُ لِمُوسَى لَمْ يَزَلْ، لَكِنَّهُ أَسْمَعَهُ ذَلِكَ حِينَ نَادَاهُ٦.

١ الفصل في الملل والنحل ٣/ ٥، وانظر: فتح الباري ١٣/ ٣٥١.
٢ المراجع السابقة.
٣ في ع: قال.
٤ في ض: كلَّمه.
٥ يقول ابن تيمية عن المعتزلة: "لكن معنى كونه سبحانه متكلمًا عندهم أنه خلق الكلام في غيره. فمذهبهم ومذهب الجهمية في المعنى سواء، لكن هؤلاء يقولون: هو متكلم حقيقة، وأولئك ينفون أن يكون متكلمًا حقيقة، وحقيقة قول الطائفتين أنه غير متكلّم، فإنه لا يعقل متكلم إلا من قام به الكلام". "مجموعة الرسائل والمسائل ٣/ ٢٧".
٦ انظر: فتح الباري ١٣/ ٣٥١، منهاج السنة ١/ ٣٨، فتاوى ابن تيمية ١٢/ ١٤٩.

2 / 95