شرح الكوكب المنير
شرح الكوكب المنير
ویرایشگر
محمد الزحيلي ونزيه حماد
ناشر
مكتبة العبيكان
ویراست
الطبعة الثانية ١٤١٨ هـ
سال انتشار
١٩٩٧ مـ
يَا مُوسَى. فَأَجَابَ سَرِيعًا -لاَ١ يَدْرِي مَنْ دَعَاهُ-. فَقَالَ: إنِّي أَسْمَعُ صَوْتَك وَلا أَرَى مَكَانَك. فَأَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا فَوْقَك وَمَعَك وَأَمَامَك وَخَلْفَك، وَأَقْرَبُ إلَيْك مِنْ نَفْسِك. فَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لا يَنْبَغِي إلاَّ لِلَّهِ. فَأَيْقَنَ بِهِ٢.
قَالَ الْمُوَفَّقُ فِي قِصَّةِ مُوسَى: إنَّهُ لَمَّا رَأَى النَّارَ هَالَتْهُ وَفَزِعَ مِنْهَا. فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا مُوسَى. فَأَجَابَ سَرِيعًا اسْتِئْنَاسًا بِالصَّوْتِ. فَقَالَ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، أَسْمَعُ صَوْتَك وَلا أَرَى مَكَانَك. فَأَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: فَوْقَك وَأَمَامَك وَوَرَاءَك، وَعَنْ يَمِينِك وَعَنْ شِمَالِك. فَعَلِمَ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ لا تَنْبَغِي إلاَّ لِلَّهِ. قَالَ: فَكَذَلِكَ أَنْتَ يَا إلَهِي، كَلامَك أَسْمَعُ أَمْ كَلامَ رَسُولِك؟ قَالَ: بَلْ كَلامِي يَا مُوسَى. وَقَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ لِمُوسَى: بِمَ شَبَّهْتَ صَوْتَ٣ رَبِّك؟ قَالَ: إنَّهُ لا شَبَهَ لَهُ.
وَرُوِيَ: أَنَّ مُوسَى لَمَّا سَمِعَ كَلامَ الآدَمِيِّينَ مَقَتَهُمْ، لِمَا وَقَرَ فِي مَسَامِعِهِ مِنْ كَلامِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلأَنَّ حَقِيقَةَ التَّكَلُّمِ وَالْمُنَادَاةِ٤ وَالْمُنَاجَاةِ شَيْءٌ تَوَارَدَتْ الأَخْبَارُ٥ وَالآثَارُ بِهِ. فَمَا إنْكَارُهُ إلاَّ عِنَادٌ وَاتِّبَاعٌ لِلْهَوَى، وَصُدُوفٌ عَنْ الْحَقِّ، وَتَرْكٌ لِلصِّرَاطِ٦ الْمُسْتَقِيمِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلا نِزَاعَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ كَلامَ اللَّهِ تَعَالَى لا يُفَارِقُ ذَاتَ اللَّهِ، وَلا يُبَايِنُهُ كَلامُهُ، وَلا شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ، بَلْ لَيْسَ صِفَةُ شَيْءٍ مِنْ
١ في ز ش ب ع ض: ما. وما أثبتناه في الأعلى من تفسير البغوي.
٢ تفسير البغوي ٤/ ٢٦٥. وانظر: تفسير الخازن ٤/ ٢٦٥.
٣ في ض: كلام.
٤ ساقطة من ض.
٥ساقطة من ض.
٦ في ب ز ع ض: الصراط.
2 / 87