شرح كلمة الإخلاص لابن رجب
شرح كلمة الإخلاص لابن رجب
ناشر
دار ابن الجوزي
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م
ژانرها
[قال ابنُ رجبٍ ﵀]
وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أُمِرتُ أَن أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشهَدُوا أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» فَفَهِمَ عُمَرُ وَجَمَاعَةٌ مِن الصَّحَابَةِ أَنَّ مَن أَتَى بِالشَّهَادَتَينِ امتَنَعَ مِن عُقُوبَةِ الدُّنيَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، فَتَوَقَّفُوا في قِتالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَفَهِمَ الصِّدِّيقُ أَنَّهُ لا يَمتَنِعُ قِتَالُهُ إِلا بِأَدَاءِ حُقُوقِهَا، لِقَولِهِ ﷺ «فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ مَنَعُوا مِنِّي دِمَاءَهُم وَأَموَالَهُم إِلا بِحَقِّهَا [وحِسَابُهُم على الله]» وَقَالَ: الزَّكَاةُ حَقُّ المَالِ (١).
وَهَذَا الَّذِي فَهِمَهُ الصِّدِّيقُ ﵁ قَد رَوَاهُ عَن النَّبِيِّ ﷺ [صريحًا] جَمَاعَةٌ مِن الصَّحَابَةِ، مِنهُم: ابنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ وَغَيرُهُمَا (٢)، وَأَنَّهُ قَالَ: «أُمِرتُ أَن أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشهَدُوا أَن لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ».
وَقد دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَولُهُ تَعَالى: ﴿فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم﴾ [التوبة:٥].
كَمَا دَلَّ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين﴾ [التوبة:١١] عَلَى أَنَّ الأُخُوَّةَ في الدِّينِ لا تَثبُتُ إِلا بِأَدَاءِ الفَرَائِضِ مَعَ التَّوحِيدِ، فَإِنَّ التَّوبَةَ مِن الشِّركِ لا تَحصُلُ إِلا بِالتَّوحِيدِ.
(١) متفقٌ عليه من حديث أبي هريرة ﵁: البخاري (رقم ١٣٣٥)، ومسلم (رقم ٢٠).
(٢) حديث ابن عمر ﵁ متفقٌ عليه؛ أخرجه البخاري (رقم ٢٥)، ومسلم (رقم ٢٢).
وأما حديث أنس ﵁: فأخرجه البخاري (رقم ٣٨٥).
1 / 54