92

على أن جعل الكاف في دواليك وسعديك ولبيك أسماء مضاف إليها المصدر يفضي إلى إفساد المعنى لأن المصدر إذا أضيف إلى غير فاعل الفعل الناصب له كان مصدرا نحو: ضربتك ضربا، فيلزم أن يكون المعنى في البيت: تداولنا مداولتك، أي مثل مداولتك، وكذلك سعديك أي أجبتك إجابتك لغيرك كذلك. ولبيك أي ألزم طاعتك لزومك طاعة غيرك، وليس المعنى على شيء من ذلك فلذلك جعل الكاف حرف خطاب.

وهذا الذي ذهب إليه لا يلزم، لأنه لا يسوغ أن يكون المعنى في سعديك أي أجبتك إجابتك لغيرك إذا أجبته، وكذلك لبيك أي الزم طاعتك لزومك طاعة غيرك إذا لزمتها، وكذلك دواليك أي تداولنا مثل مداولتك إذا داولت كما قالوا: دققته دقك يا طحان حب الفلفل، والمعنى مثل دقك. وأما ما ذهب إليه من جعل الكاف خطابا فليس ذلك مقيسا بالفعل حيث سمع وكذلك حذف النون لغير إضافة، ولم يظهر الفعل في جميع ذلك لأن الاسم جعل عوضا منه.

وأما لك الشاء شاة بدرهم، فلم يظهر لنيابة المجرور منابه.

فإن قلت: فإن العرب لا تقول (لك) الشاء إلا على «مملوك لك» فالجواب: إنه لما اقترنت قرينة تبين هذا المقصود وهو قولك: شاة بدرهم، جاز أن تقول: الشاء لك على غير معنى مملوك له ، بل على معنى: مسعر لك.

وأما أخذته بدرهم فزائدا أو بدرهم فصاعدا، فانتصب «فصاعدا» بفعل مضمر تقديره: فزاد الثمن صاعدا. على أنه في موضع الحال.

فإن قيل: فلعله منتصب بأخذته فالجواب: أن تقول: إنه لا يسوغ هذا لأن الفاء تقطع ما قبلها مما بعدها.

وأما كرما وحلفا فمصادر انتصب بفعل من لفظها مضمر تقديره: أكرم كرما وأحلف حلفا، ولم يظهر الفعل لنيابة المصدر منابه وتحمله الضمير ولذلك قلنا إنه انتصب بكرم من أبنية التعجب لأن أبنية التعجب ليس منها ما له مصدر إلا لفعل.

صفحه ۹۲