271

فأما ما أفعله فلا يخلو أن تريد التعجب من مزيد أو غير مزيد. فأما المزيد فلا يخلو أن يكون على وزن أفعل أو على غير ذلك من الأوزان. فإن كان على غير ذلك من الأوزان فلا يجوز التعجب منه، لأنه لا يجوز التعجب من فعل حتى يصير على وزن فعل، فإذا فعل به ذلك أدى إلى حذف زوائد الفعل وقد كانت هذه الزوائد تعطي معانيها فتفقد بزوالها إلا ما شذ من ذلك وهو قول العرب: ما أفقره، من افتقر، وما أغناه، من استغنى وما أتقاه، من اتقى، وما أقومه، من استقام.

وكأن التعجب إنما هو من فقر وغني وتقي وقام في معنى استقام وإن لم ينطق بشيء من ذلك. ومما يدل على ذلك فقير وغني وتقي، ألا ترى أن فعيلا لا يبنى إلا من فعل ثلاثي نحو كريم وظريف من كرم وظرف ومما يسهل ذلك في اتقى أنهم قد حذفوه حتى صار تقي، ومنه قول الشاعر:

تقوه أيها الفتيان إني

رأيت الله قد غلب الجدودا

فإن كان على وزن أفعل ففيه خلاف. فمنهم من منع التعجب منه في الجميع ومنهم من أجاز التعجب منه في الجميع ومنهم من فصل.

أما الذي منعه في الجميع فقاسه على غيره من المزيدات. والذي أجازه في الجميع رأى همزة أفعل التي للتعجب تعقب تلك الزيادة. والذي فصل منع ذلك إن كانت الهمزة للنقل، لأنها إذ ذاك حرف معنى، وأجاز إذا كانت لغير نقل لأنها لا معنى لها.

والصحيح أنه لا يجوز التعجب منه إلا فيما شذ من ذلك وهو قولهم: ما أنتنه، من أنتن، وما أخطاه ، من أخطأ، وما أصوبه من أصاب، وما آتاه للمعروف وما أعطاه للدراهم وما أولاه للمعروف وما أضيعه لكذا.

والدليل على جواز ما أضيعه لكذا قول ذي الرمة:

وما شنتا خرقاء واهية الكلى

سقى بهما ساق ولما تبللا

بأضيع من عينيك للماء كلما

صفحه ۴۷