209

ومن الحذف أيضا حذف الياء من هي والواو من هو، وهو أقبح من جميع ما تقدم. وذلك لأنه اجتمع فيه ضرورتان: إحداهما: تسكين الياء والواو المفتوحتين حملا عليهما إذا كانتا مكسورتين أو مضمومتين نحو قول النابغة الذبياني:

ردت عليه أقاصيه ولبده

البيت

في إحدى الروايتين.

والأخرى تشبيهه المنفصل بالمتصل. وذلك أنه لما سكنها صار بمنزلته في به وضربه. وهذا الضمير إذا كان ما قبله ساكنا نحو منه وعليه جاز أن لا يؤتى بالصلة. فكذلك ما شبه به. فمن ذلك قول الشاعر:

فبيناه يشري رحله قال قائل

لمن جمل رخو الملاط نجيب

فأجرى بينا هو بعد الإسكان مجرى رماه.

وقال الآخر:

دار لسعدى إذه من هواكا

فأجرى إذ هي بعد إسكان الياء مجرى عليه فلم يأت بصفة لذلك.

ومن الحذف أيضا حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، حيث لا يجوز ذلك في الكلام، وذلك في ثلاثة أماكن:

أحداها : صفة أي المنادى نحو قولك: يا أيها الرجل. ولا يجوز أن تقول يا الرجل، إلا في ضرورة. قال الشاعر:

من أجلك يا التي تيمت قلبي

وأنت بخيلة بالود عني

يريد: يا أيتها التي. وقول الآخر:

فيا الغلامان اللذان فرا

إياكما أن تكسباني شرا

يريد: فيا أيها الغلامان.

والثاني: أن تكون الصفة غير حقيقية. أعني جملة أو ظرفا أو مجرورا نحو قولك: جاءني يقوم أبوه، تريد: جاءني رجل يقوم أبوه. فإن ذلك لا يجوز في الكلام إلا في موضعين. أحدهما: مع من نحو قوله: منا ظعن ومنا أقام، تريد منا رجل ظعن ومنا رجل أقام. وعليه قوله:

وما الدهر إلا تارتان فمنهما

صفحه ۲۰۹