وقوله: «عنه عليه السلام»: يعني النبيء صلى الله عليه وسلم اكتفى بذكر السلام عن الصلاة تمسكا بقوله تعالى: {وسلام على المرسلين}[يس:181]، وهذا شأنه في كثير من المواضع، وحديث الأعمال بالنيات لم يثبت عن ابن عباس إلا عند الربيع في هذا الطريق <01/11> وكفى به حجة، وقد رواه أئمة الحديث من قومنا من طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقط، حتى قال أبو بكر البزار: لا نعلم روي هذا الكلام إلا عن عمر بن الخطاب عن النبيء صلى الله عليه وسلم بهذا الإسناد، وقال الخطابي: لا أعلم خلافا بين أهل الحديث في أنه لم يصح مسندا عن النبيء صلى الله عليه وسلم إلا من رواية عمر، لكن قال الحسيني: وقد روي هذا الحديث أيضا من غير طريق عمر بن الخطاب، فرواه أبو سعيد الخدري وأبو هريرة وأنس بن مالك وعلي بن أبي طالب، ثم ذكر من خرجه ومن رواه عنهم، وأشار إلى بعضهم بالوهم وبعضهم بالغرابة وبعضهم بالتضعيف، وعلى كل حال فالحديث مجمع على صحته، مستفيض بين الأمة.
قوله: «الأعمال بالنيات»: في كثير من روايات قومنا زيادة: «إنما» وهي أداة حصر ولا بد في الحديث من حذف مضاف، واختلف الفقهاء في تقديره، فالذين اشترطوا النية قدروه: صحة الأعمال بالنيات، أو نحو ذلك، والذين لم يشترطوها قدروه: كمال الأعمال بالنيات، أو نحو ذلك، ورجح الأول بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة من الكمال، فالحمل عليها أولى ونظير ذلك قولهم: «إنما الملك بالرجال»، أي: قوامه ووجوده، «إنما الرجال بالمال»، «وإنما المال بالرعية»، «وإنما الرعية بالعدل»، كل ذلك يراد به أن قوام هذه الأشياء بهذه الأمور.
صفحه ۳