قوله: «اختلف الناس ..الخ»: كثر اختلاف الناس في معنى الحديث حتى اختار بعضهم أنه من المشكل الذي لا يدرى معناه كمتشابه القرآن والحديث والمتعاطون لبيانه، اختلفوا في ذلك على نحو أربعين قولا، ذكر أبو عبيدة منها ثلاثة أقوال أصحها الأول، وهو قوله: على سبع لغات، وبه قال أبو عبيد وثعلب والأزهري وآخرون، واستقرب بعضهم بعده قول من قال: إن المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة بألفاظ مختلفة نحو: أقبل وتعالى وأعجل وأسرع، وبه قال سفيان بن عيينة وابن وهب وخلائق، ونسب إلى الأكثر، وأما القولان الآخران في كلام أبي عبيدة فلا مدخل لهما في معنى الحديث، والعجب ممن قال <01/33> بهما، كيف نسي اختلاف عمر وهشام وحضورهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله لكل واحد منهما: "اقرأ"، وبعد ذلك قال: إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف أما، قوله: لا يوجد حرف واحد من القرآن يقرأ على سبعة أوجه فليس بشيء؛ لأن اللغات السبع قد اتفقت في أكثر المواضع واختلفت في اليسير ولا يلزم أن يكون الخلاف في كلمة واحدة، بل قد تخالف هذه في كلمة، وهذه في أخرى وهلم جرا، وقيل: إن غاية ما ينتهي إليه عدد القراءات في الكلمة الواحدة إلى سبعة أوجه، وقيل: ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد، بل المراد التيسير والتسهيل، ولفظ السبعة أطلق على إرادة الكثرة في الآحاد، كما تطلق السبعون في العشرات والسبع المائة في المئين، ويرده حديث جبريل المتقدم فإنه أنهى الازدياد إلى سبعة أحرف.
ما جاء في جمع القرآن.
قوله: «قال بلغني»: الحديث مرسل لسقوط الصحابي منه، وأبو عبيدة أدرك بعض الصحابة وروى عنهم وإن كان أكثر ما روى عن جابر بن زيد، وفي الحديث البلاغ، وأبو عبيدة في غاية من التثبت، فالخبر في قوة المتصل.
صفحه ۳۰