ما جاء في منع الجنب والحائض من قراءة القرآن قوله: «عن جابر بن زيد، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه و سلم »: جابر لم يدرك رسول الله صلى الله عليه و سلم، فالحديث مرسل لسقوط الصحابي منه وقد قدمت لك أن مراسيل جابر في حكم الاتصال لتثبته في النقل مع كثرة من لقي من الصحابة.
قوله: «والذين لم يكونوا على طهارة»: الظاهر أن المراد بهؤلاء أهل الأحداث الخفيفة، وقد وقع الخلاف بين العلماء في منعهم من ذلك على أقوال بسطتها في الجزء الثاني من المعارج، وحكم النفساء حكم الحائض، وظاهر الحديث يقتضي المنع، ومصداقه من الكتاب العزيز: {لا يمسه, إلا المطهرون}[الواقعة: 79]، والسر في المنع إظهار عظمة القرآن والفرز بينه وبين غيره من سائر الكلام وهذا واضح في الجنب والحائض وأما أهل الأحداث الخفيفة فيجب أن يحمل النهي في حقهم على الكراهة لحديث علي قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته ثم يخرج فيقرأ القرآن ويأكل معنا اللحم ولا يحجبه _ وربما قال: لا يحجزه _ من القرآن، ليس الجنابة"، رواه الخمسة، لكن لفظ الترمذي مختصر: "كان يقرئنا على كل حال ما لم يكن جنبا"، وقال: حديث حسن صحيح. وفعله صلى الله عليه وسلم هذا لبيان الجواز، وعن ابن <01/29> عمر مرفوعا: "لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن"، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
قوله: «لا يطؤون مصحفا بأيديهم»: أصل الوطء إنما يكون بالرجل ثم استعير لمعان كثيرة وهو في هذا الحديث بمعنى المس، والقرينة قوله: بأيديهم، والمصحف بضم الميم، ويجوز كسرها، هو مجموع صحائف القرآن وأصله الضم؛ لأنه مأخوذ من أصحف، أي: جمعت فيه الصحف، قال الفراء: استثقلت العرب الضمة في حروف، فكسروا ميمها، وأصلها الضم، من ذلك: مصحف ومخدع ومطرف ومغزل ومجسد.
صفحه ۲۵