قوله: «عن أبي هريرة»: الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم حديثا عنه، وهو من دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن مالك بن نصر بن الأزد، وقد اختلف في اسمه اختلافا كثيرا لم يختلف في اسم آخر مثله ولا ما يقاربه، فقيل _وهو المختار عند بعض_: اسمه عبد الرحمن بن صخر، وقيل، عبد الله بن عامر، قال: الهيثم بن عدي: كان اسمه في الجاهلية عبد شمس، وفي الإسلام عبد الله، وقال ابن إسحاق: قال لي بعض أصحابنا عن أبي هريرة: كان اسمي في الجاهلية عبد شمس فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، وقد تركت أكثر الأقوال في اسمه، وإنما كني أبا هريرة لهريرة كانت معه، قال عبد الله ابن رافع: قلت: لأبي هريرة: لما اكتنيت بأبي هريرة: قال أما تفرق مني؟ قلت: بلى والله إني<01/24> لأهابك، قال: كنت أرعى غنم أهلي وكانت لي هريرة صغيرة، فكنت أضعها بالليل في شجرة فإذا كان النهار ذهبت بها معي فلعبت بها، فكنوني أبا هريرة، وقيل رآه النبيء صلى الله عليه وسلم وفي كمه هرة، فقال: يا أبا هريرة، وكان من أصحاب الصفة، أسلم عام خيبر وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لزمه وواظب عليه رغبة في العلم، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله أسمع منك أشياء فلا أحفظها، قال: أبسط رداءك فبسطته، فحدث حديثا كثيرا فما نسيت شيئا حدثني به، وعن الزهري عن الأعرج قال: سمعت أبا هريرة قال: إنكم تقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله الموعد كنت رجلا مسكينا أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يبسط ثوبه فلن ينسى شيئا سمعه مني، فبسطت ثوبي حتى قضى حديثه ثم ضممته إلي، فما نسيت شيئا سمعته بعد. قال البخاري: روى عن أبي هريرة أكثر من ثمانمائة رجل من صاحب وتابع، فمن الصحابة ابن عباس وابن عمر وجابر وأنس وواثلة بن الأسقع، واستعمله عمر على البحرين ثم عزله ثم أراده على العمل فامتنع وسكن المدينة وبها كانت وفاته، قال خليفة: توفي أبو هريرة سنة سبع وخمسين، وقال الهيثم بن عدي: توفي سنة ثمان وخمسين، وهو ابن ثمان وسبعين سنة، قيل مات بالعقيق وحمل إلى المدينة وصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وكان أميرا على المدينة لعمه معاوية بن أبي سفيان.
قوله: «أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم»: هذا كلام يشعر بإجابة الدعوة ويدل على ذلك قوله في أثناء الحديث: "فآثرت الغذاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وهذا المعنى يصحح ما في بعض النسخ : "فآثرت القرى"، بكسر القاف مقصورا وهو الضيافة.
قوله: «فسمع رجلا»: السامع هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسموع لم يسم، وكأنه مجهول عند أبي هريرة <01/25>أيضا.
قوله: «وجبت»: أي: ثبتت له الجنة عند الله تعالى بهذا العمل.
قوله: «فأبشره»: أي: أخبره بما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتبشير الإخبار بما يسر في العاقبة عكس الإنذار، أما قوله: {فبشرهم بعذاب اليم}[آل عمران: 21]، فهو من المجاز الذي يراد به ضد معناه على سبيل التهكم وكذا القول في نظائرها.
قوله: «الغداء»: هو ما يؤكل وقت الغداء إلى نصف النهار ويقابله العشاء وهو ما يؤكل بالعشي.
قوله: «فآثرت»: أي: قدمت الغداء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما في ذلك من فضل الصحبة وأخذ العلم وحصول المعاش مع ظنه بدرك الرجل فيبشره فيحوز الحالين كما يدل عليه قوله: "ثم ذهبت إلى الرجل فوجدته قد ذهب".
صفحه ۲۱