البخاري ومسلم لم يلتزما إخراج ما يحكم بصحته من الأحاديث، بل تركا من الأحاديث الصحيح الكثير خشية أن يطول الكتاب كما صرح به كل منهما فيما نقل عنه، ومسلم صراحة في صحيحه يقول: "ليس كل حديث صحيح وضعته هاهنا، وإنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه" والخلاف في فهم كلام الإمام مسلم طويل، لعل الوقت يسمح لبسطه فيما بعد -إن شاء الله تعالى-.
نقل عنهما أيضا التصحيح خارج صحيحهما، فنقل عن البخاري كثيرا، نقل الترمذي أنه صحح أحاديث في علله وفي سننه، وشرح الحافظ ابن رجب -رحمه الله- على البخاري مملوء بتصحيحات الأئمة، كالبخاري ومسلم وأحمد وغيره، على كل حال لا حاجة للاستدارك على الصحيحين لذات الاستدراك، أما أن تجمع الأحاديث الصحيحة خارج الصحيحين مطلب، لكن ما يقال: أن البخاري أخل بشرطه، مسلم أخل بشرطه، فينتقد ويعاب عليه أنه ما خرج أحاديث ينبغي أن يخرجها لأنها على شرطه؛ لأنه ما التزم.
ولم يعماه ولكن قلما ... عند ابن الأخرم منه قد فاتهما
فاتهما شيء كثير، ولكن قلما عند ابن الأخرم منه قد فاتهما -ورد هذا الكلام-.
ورد لكن قال يحيى البر ... لم يثبت الخمسة إلا النزر
الخمسة المراد بها البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي، وفيه ما فيه أيضا؛ لأنه فات الخمسة شيء كثير من الصحيح، يصفو من صحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم، والسنن من الصحيح الشيء الكثير، وفيه ما فيه كناية عن ضعفه لقول الجعفي عن البخاري: "أحفظ منه عشر ألف ألف" يحفظ مائة ألف حديث صحيح، والذي في كتابه شيء يسير من هذا العدد، سبعة آلاف بالمكرر، بدون التكرار ألفين وستمائة وحديثين.
صفحه ۱۹