شرح إحقاق الحق
شرح إحقاق الحق
پژوهشگر
تعليق : السيد شهاب الدين المرعشي النجفي / تصحيح : السيد إبراهيم الميانجي
الخمس الظاهرة: إنها علم بمتعلقاتها فالإبصار الذي هو عبارة عن الادراك بالباصرة يكون علما بالمبصرات، وليست الرؤية إلا إدراكا بالباصرة، فعلى هذا تكون الرؤية علما خاصا وانكشافا تاما، غاية الأمر أنه حاصل من هذه الحاسة المخصوصة، فظهر اتفاق الفريقين على أن رؤية الله تعالى التي دلت عليها الأحاديث هي العلم التام والانكشاف الكامل، وبقي النزاع في محل حصولها، فكما يجوز أن يكون محل حصول هذه الانكشاف قلبا، فليجوز المجوز أن يكون محله عضوا آخر، هو البصر، فيرتفع النزاع بالكلية والله تعالى أعلم " إنتهى كلامه " أقول: كل ما ذكره توهمات باطلة وتخيلات مموهة عاطلة، لا يعود إلى طائل ولا يرجع إلى حاصل أما أولا فلما قد علمت من حال ما أحاله هيهنا على ما أسبقه بقوله (فقد علمت) وقد (1) علمت إذ قد سبق منا ما حاصله: أن أحدنا لا يرى إلا بالحاسة، والرائي بالحاسة لا يرى إلا ما كان مقابلا كالجسم أو حالا في المقابل كاللون، أو في حكم المقابل كالوجه في المرآة، والله تعالى ليس كذلك، وقد ذكرنا: أن الضرورة قاضية بذلك، ولهذا نبادر إلى تكذيب من أخبر بأنه رأى شيئا ليس كذلك، كما نكذب من أخبر بأنه رأى جسما غير متحرك ولا ساكن، وجحد الضرورة التي حكم بها عقول الحكماء وأهل العدل من الإمامية والمعتزلة ومن تابعهم غير مستنكر من هذا الشارح الناصب وأصحابه، لأن لهم مدخلا عظيما في المكابرة وصناعة التمويه كما لا يخفى على العاقل النبيه، وأما ثانيا فلأن ما استدل به من حديث انكشاف الله تعالى على عبده انكشاف القمر ليلة البدر مدفوع بعدم صحة سنده، فإن راويه قيس (2) بن أبي حازم، وقد اختل عقله في <div>____________________
<div class="explanation"> (1) لفظة وقد علمت من كلام القاضي " قده ".
(2) قيس بن أبي حازم واسمه حصين بن عوف، ويقال: عوف بن عبد الحارث ويقال:
عبد عوف بن الحارث بن عوف البجلي الأحمسي أبو عبد الله الكوفي أدرك الجاهلية و رحل إلى النبي صلى الله عليه وآله ليبايعه فقبض وهو في الطريق. روى عن أبيه والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وأبي بكر وعمر وأبي هريرة وعمرو بن العاص وجرير بن عبد الله والمغيرة بن شعبة وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وبيان بن بشر والمغيرة ابن شبيل وغيرهم، وحال الرجل مختلف فيه عند العامة، فذهب جماعة كثيرة منهم إلى تضعيفه، وأنه كان يروي المناكير والغرائب، ومنهم من حمل عليه في مذهبه، وقالوا:
كان يحمل علي علي عليه السلام والمشهور أنه كان يقدم عثمان، ولذلك تجنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه، قال الحافظ بن حجر العسقلاني في كتاب تهذيب التهذيب (الجزء الثامن ص 388 ط حيدرآباد) ما لفظه: وقال يحيى بن أبي عبد الله: ثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: كبر قيس حتى جاز المأة بسنين كثيرة حتى خرف وذهب عقله، وقال ابن المديني: قال لي يحيى بن سعيد قيس بن أبي حازم منكر الحديث، ثم ذكر له يحيى أحاديث مناكير الخ.
ولا يذهب عليك أن أحمد بن حنبل روى حديث الرؤية بأسانيد كلها منتهية إلى قيس بن أبي حازم، فظهر أن قول الناصب هناك عدة أحاديث، مما لا أصل له، بل هو حديث واحد رواه عدة عن شخص واحد، وهو ممن لا يعتنى به لنقله المناكير والغرائب، مضافا إلى خبطه واختلاله في أواخر عمره، على أنه كان متروك الحديث عند الكوفيين أهل البحث والتنقيب في قبول الرواية، مضافا إلى أن خبر الواحد الظني الصدور كيف يقاوم البراهين العقلية السديدة والأدلة النقلية الرصينة، أفيمكن المصير إلى رؤيته تعالى وجعل أمثال هذا الخبر مستمسكا ومتكئا؟</div>
صفحه ۱۳۳