يفرع الحديث في اللغة داعما شرحه لها بالشواهد من القرآن والشعر.
والدارس للشرحين يستطيع أن يدرك الفروق في عناصر الشرح، وذلك من خلال أي نص من نصوص الحماسة، فمثلا في بيتي أبن زيابة الواردين في الحماسية رقم (٢٢) في شرح المرزوقي (٢٣) في شرح المصنف وهما:
نبئت عمرا غارزا رأسه في سنة يوعد أخواله
وتلك منة غير مأمونة أن يفعل الشيء إذا قاله
نجد المرزوقي يتكلم أولا عن «غارزا» فيقول: جعل غرز الرأس كناية عن الجهل والذهاب عما علية وله من التحفظ، ثم وقف عند النحو فبين العلة النحوية في مجيء هذه الأسماء منصوبة، عمرا، غارزا، رأسه، فنبأ وأنبأ مما يتعدى إلي ثلاثة مفاعيل، فعمرا منصوب علي أنه مفعول ثان، وغارزا علي أنه مفعول ثالث، ورأسه انتصب من «غارزا» ثم أنتقل إلي «سنة» فأفاد بأنها الغفلة، وحددها بأنها ما يحدث من أوائل النوم في العين، ولم يستحكم بعد، ثم وقف عند جانب بلاغي فقال: وهذا من أحسن التشبيه وأبلغ التعريض والإبعاد إذا كان علي ما وصف حقيق بالتهجين يدل علي ذلك قوله:
وسنان أقصده النعاس فرنقت في عينة سنة وليس بنائم
وقد فصل الله تعالي بينهما بقولة: «لا تأخذه سنة ولا نوم» والفعل وسن يوسن وسنا، ثم وضح موضع «يوعد» من الإعراب، فهي في موضع نصب علي الحال، وأخيرا رجع إلي «غارزا» التي بدأ بها حديثة عن البيت، فبين استخدامها في الحقيقة والمجاز حيث أشار إلي أن معني «غارزا رأسه» مدخلا، ومنة الغرز بالإبر. ويقال: «غرز فلان رجلة في الغرز أي في الركاب، وتوسعوا حتى قالوا: إغترز فلان في ركاب القول.
ثم أنتقل إلي البيت الثاني فبين الشاعر منة وهو التهكم والسخرية قال: وفي طريقته قول الآخر:
وأما أخو قرط فلست بساخر فقولا ألا يا اسلم بمرة سالما
2 / 12