نراه يقف عند الرواية التي أثبتها وهي "نمتها غيولها" شارحًا فيقول: "الغيول جمع الغيل وهو الماء يجري على وجه الأرض، ومعنى نمتها نبتتها أي نبتت في الماء الجاري فكأنها نبت الماء، ثم أشار إلى روايتين قال: "ويروى "غذتها غيولها" ويروى "سقتها" والجميع حسن والأول أبدع".
وثمة شيء آخر يمكن أن يلحظه قارئ هذا الشرح غير هذا الاهتمام الواضح بالروايات، وهو اهتمام المصنف الشديد بعرض آراء من سبقوه في معاني الشعر، وهو في هذا يثبت التفسير الذي يراه للمعني ثم يعرض آراء غيره فيه، ومن ذلك ما جاء عنه في بيت عروة بن الورد القائل:
مطلا على أعدائه يزجرونه بساحتهم زجر المنيح المشهر
فقد أورد تفسيره لمعنى "المنيح المشهر" قال: "المنيح المشهر ها هنا قدح مشهور بالفوز يستعار ثم يرد إلى صاحبه" ثم مضى فاستعرض آراء غيره دون تعليق قال: "وقال الأصمعي: المنيح الذي لا نصيب له فإذا خرج رد ليخرج غيره، فأما ذو الحظ من السهام فإنما إذا خرج لم يعد ثانية يقول: هو غير مأمون كالمنيح الذي تراه عند كل اجالة فهم يجرونه أبدًا. وقال ابن الأعرابي: أراد أن يقول: القدام المشهر فقال المنيح لأنه فيها. وقال ابن قتيبة: أراد أنهم إذا رأوه زجروه ولعنوه كما يلعن المنيح لأنه لا نصيب له فيغتم صاحبه إذا خرج".
وإذا كنا قد رأيناه هنا يعرض الآراء دون تعليق فإنه في مواضع أخرى قد يعرض الرأي ثم يعقب عليه ومن ذلك ما جاء في البيت الأول من رثاء عبدة بن الطيب لقيس بن عصام التميمي وهو:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما
قل في شرحه: "وقوله ما شاء أن يترحما في معناه أقوال منها ما قال الأخفش علي بن سليمان: معناه عليك سلام الله ورحمته أبدًا لأن الله تعالى أبدًا يشاء الرحمة
2 / 51