ورواه المرزوقي "إذا كان يسر أنه الدهر لازب"، وفد نبهنا في هامش هذه الحماسية أن رواية المرزوقي في أصح معنى من رواية المصنف لأن الشاعر قال في الشطرة الأولى: أن العسر لا بد أن يخلفه يسر، فالعسر لا يدوم، واتساق المعنى يقتضي أن يقول في الشطرة الثانية أن اليسر أيضا لا يدوم.
والحق أن معارضة هذا الشرح بشرح المرزوقي وغيره من الشروح الأخرى قد أثبتت فروقًا جمة في رواية المتن لا مع شرح المرزوقي فحسب بل مع غيره من الشروح الأخرى مثل شريح التبريزي الذي يجد القاريء مواضع اتفاق في الرواية مع المصنف، كما يجد مواضع اختلاف، وقد أثبتنا جميع ذلك في الهوامش.
وبعد فإن هذه الفروقات التي شرحناها في جوانب مختلفة كانت غايتنا منها أن نؤكد أن هذا الشرح ليس مختصرًا من شرح المرزوقي، كما توهم الناسخ، كما ليس بصحيح ما ذهب إليه صاحب كتاب "حماسة أبي تمام وشروحها" حين ذكر أن نصوصا من هذا الشرح "تلتقي في بعض جوانبها بما هو في شرح المرزوقي مع شيء من التصرف وعدم الالتزام بنصه"، إذ معنى هذا أن المصنف كان أمامه شرح المرزوقي يأخذ منه ثم يحور فيه ويورده دون عزو، وهذا ظاهر من قوله: "وهذا يعني أن صاحب هذا الشرح قد اطلع على شرح المرزوقي وأفاد منه دون أن يصرح باسمه"، وقال في موضع آخر: "إن المصنف في الثلث الأخير من شرحه أخذ يركز أكثر ما يركز على تفسير معاني الكلمات، ويبدو في هذا الجانب مستفيدًا من شرح المرزوقي".
فهذه الأقوال جميعًا لا تقوم على شيء وهي مدفوعة بعدة أمور: أحدها أن المصنف أفاد من شروح سبقته، كان يأخذ منها بالنص ويذكر أصحابها، وقد ذكرت هذه الشروح عندما فرقت بين مصادره ومصادر المرزوقي، وهو لم يذكر
2 / 24