الشرح: ذكر المختنقين هاهنا لأن حال صاحبه يشبه السكتة من جهة تعطل أفعاله، ويشبه الغشي من جهة الضرر الذي يتحصل للقلب بسبب حبس النفس. واعلم أن الزبد يحدث من رطوبة يخالطها جوهر ريحي إذا تصغرت أجزاءهما تصغيرا لا يقوى الريح على حرق تلك الرطوبة فينفصل منها، ولا تقوى الرطوبة على تنحيته عن جهتها، فترسب بثقلها، فيحدث من ذلك شبيه النفاخات. وكلما كانت تلك الرطوبة A أكثر غلظا ولزوجة، كان انفصال الريح عليها أعسر، وأمكن حدوث نفاخات كبار، وكان انحلال الزبد أبطأ، وهذا كالزبد الحادث في أفواه الخيل عند ركضها. وإنما كان المخنوق إذا أزبد لا يعيش، لأن زبد المخنوق في غالب الأمر إنما يحدث إذا اشتعل القلب بحبس النفس واشتعلت الروح اشتعالا يلزمه انطفاءها، وذلك يوجب فرط سخونة الرئة وذوبان بعض جرمها، فيختلط بالروح التي احترقت حتى صارت دخانية، فيحدث الزبد، وذلك موجب للموت لا محالة. لكنه قد يحدث في المخنوق زبد لا على ذلك الوجه، بل بأن يسخن الدماغ وتسيل منه رطوبات تخالط ما يصعد من النفس المتسخن لاحتباسه بالخنق واستحالته إلى الدخانية، وذلك لا يلزمه الموت. إلا أن حدوث الزبد على هذا الوجه أقل من الأول لأن تسخن الدماغ بالخنق من غير تسخن القلب واشتعاله نادر. ومراد أبقراط هو الزبد الأول، ولهذا قال: B ويصيرون إلى حد الغشي. والزبد الحادث من الدماغ لا يلزم فيه الغشي. وقد قال جالينوس: إن هذا الحكم أكثريا وليس كليا. قال: لأنا قد شاهدنا جماعة من المخنوقين عرض لهم الزبد ثم عاشوا. أقول: لا يبعد أن يكون ذلك الزبد من الدماغ، إذ يمتنع الحياة مع حصول الزبد بالوجه الأول.
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بدنه غليظا جدا بالطبع، فالموت إليه أسرع منه إلى القضيف.
[commentary]
صفحه ۱۱۲