الشرح: أما تعلق هذا الفصل بما قبله فظاهر ، وذلك لأنه في الأول حكم بأن الإفراط من الشيء النافع بل الضروري ،كالنوم واليقظة، رديء. فبين ها هنا ذلك في الطبيعي أيضا، فإن الإفراط في الشيء الطبيعي ضار أيضا. ونقول: الفرق بين النافع، وبين الضروري، والطبيعي؛ أن النافع هو: كل ما (44)يجلب خيرا، سواء أمكن التخلي عنه أو لا يمكن. وأما الضروري فهو: الذي لا يمكن التخلي عنه، سواء كان من أفعال الطبيعة الخاصة بالشيء الذي هو ضروري له، أو لا يكون. وأما الطبيعي فهو: المنسوب إلى الطبيعة. فعلى هذا يكون الطبيعي أخص من الضروري وهو أخص من النافع، A إلا أن العادة جرت بين الأطباء أنهم لا يسمون الطبيعي والضروري بالنافع وإن كانا نافعين؛ وكذلك لا يسمى الطبيعي بالضروري وإن كان ضروريا. ونقول: الظاهر أنه أراد ها هنا بالشبع، الامتناع من الغذاء؛ وبالجوع، الشهوة له. وظاهر أنه لا يريد بذلك ما كان منهما صادقا، فإن ذلك لا يوصف بالإفراط، وإنما كان الإفراط من ذلك رديئا. أما الجوع فلدلالته على شدة برودة المعدة أو فرط إحراقها أو انصباب خلط حامض لذاع إليها. وأما الشبع فلدلالته على فرط الامتلاء أو فرط حرارة المعدة فيكون اشتياقها إلى الماء دون الغذاء، أو على بطلان حس فم المعدة أو ضعف الكبد أو موت القوة الشهوانية، ولاحقا إن ذلك كله رديء. إلا إن أبقراط لم يقل إن ذلك رديء، بل قال إنه ليس بمحمود، وكونه ليس بمحمود ظاهر، وإنما لم يجزم برداءته لأنه قد لا يكون رديئا، كالشبع الذي يكون في أوائل الحميات، والجوع الذي يكون للناقهين.
[aphorism]
صفحه ۶۸