121

شرح فصول ابقراط

شرح فصول أبقراط

الشرح: عروض أمراض الربيع في الصيف أقل من عروض أمراض الصيف في الخريف، لأن أمراض الربيع أكثر حدوثها من مادة تولدت في الشتاء، وحر الصيف في أكثر الأمر يحلل تلك المواد. وأما الصيف فأمراضه من مادة يستقلهو بتوليدها، والخريف ليس يحللها بل يجمعها ويحركها عن الجلد إلى عمق البدن ويمنعها من التحلل؛ ولهذا قيل إن الخريف كافل للصيف بقايا أمراضه، فلذلك قال أبقراط: فأما في الصيف فيعرض بعض هذه الأمراض. يعني الربيعية. وقال هاهنا: وأما في الخريف فيعرض أكثر أمراض الصيف. ويعني بذلك أن أكثرها تعرض فيه كثيرا، إذ كلها تعرض في كل وقت كما تقدم. A وأما التي تعرض منها فيه نادرا فهي التي تكون من الصفراء الساذجة، إذ الخريف ببرده يكسر الصفراء كسرا ما. وهذه الأمراض مثل القيء الصفراوي فإنه يقل في الخريف لغلظ الأخلاط فيه. وكذلك الرمد لبرد هوائه، فيكثف جرم العين ولا يقبل ما ينصب إليها. وكذلك الحصف لقلة العرق الصفراوي فيه، لقلة الصفراء وقلة العرق لقلة الحرارة ولكثافة الجلد. وأما باقي أمراض الصيف فتعرض في الخريف كثيرا بحبسه المادة التي ولدها الصيف وتغليظه لها ولفساد الأخلاط واختلافها فيه. وأما الأمراض المختصة بالخريف فهي: حميات ربع، لكثرة السوداء فيه ترميدا لما أحرقه الصيف وتكثيفا له، ولاستحالة المزاج بسبب طبيعة الهواء إلى مزاج السوداء. واعلم أن حدوث السوداء: إما على سبيل الاحتراق والرمادية، وهذا يكون عن أي خلط كان، حتى السوداء نفسها. وإما على سبيل الرسوب ، وهذا لا يكون إلا من الدم، لأن B الصفراء للطافتها وقلة أرضيتها ودوام حركتها، والسوداء لغلظها وأرضيتها، والبلغم للزوجته لا يرسب عنها شيء. وأيضا حميات مختلطة لكثرة المواد المختلطة فيه من صفراء باقية (162) عن الصيف، وبلغم لضعف الهضم، وسوداء لما قلنا. وأيضا أطحلة لكثرة المواد السوداوية وانحصارها إلى الباطن وضعف الأحشاء، ولأجل الربع أيضا فإنها في غالب الأحوال تكون مع ورم الطحال، وأكثر أورام الطحال سوداوية، وكيف لا وهو بيت السوداء، بل لو عرض فيه ورم دموي لأسرع استحالته إلى السوداء. وأيضا نفخة الطحال، لضعف الهضم وتولد الرياح مع كثرة السوداء الرديئة، فيكون الطحال مأووفا، ويريد بالأطحلة ما يعمهما. وأيضا استسقاء لضعف الأحشاء وسوء الهضم، وإضعاف الطحال للكبد بسبب المضادة لمزاجها ولمضادة طبيعة الفصل لمزاجها أيضا. وأيضا سل، وقد استقصينا بيان ذلك A في قوله: الخريف لأصحاب السل رديء. وأيضا تقطير البول، وسببه حدة الأخلاط لترمدها ويبسها مع امتناع تحللها بالعرق واندفاعها إلى المثانة. وأيضا اختلاف الدم، لحدته ولانسحاج الأمعاء لما يعرض من النوازل الحادة إليها، ولست أعني بالنوازل ما ينزل من الرأس فقط بل كل ما (163) يتحرك من عضو إلى ما تحته. وأيضا زلق الأمعاء، ويريد بذلك ما يعم زلق الأمعاء والمعدة، لأن سبب ذلك: إما قروح، ويدل عليها وجع يحصل عند وصول الطعام إلى ذلك المكان وبثور في الفم وقشور وقيح يخرجان في الطبيعة. وإما نوازل حادة جاردة، ويعرف ذلك بعلامات النوازل. وإما خلط لزج مزلق للغذاء، ويعرف ذلك بخروجه في الطبيعة وبعلامات البلغم وبقلة بقاء الأغذية في البطن. وكل ذلك يكثر في الخريف، لحدة الخلاط وكثرة النوازل لاختلاف الهواء وانعصار المواد وسوء الهضم. وأيضا وجع الورك، لكثرة الأخلاط العليظة الفاسدة، وسوء B الهضم وعدم التحلل، واختلاف الهواء، وإضرار البرد العارض بعد تخلل البدن بالصيف للأعضاء العصبية والباردة. وما دام الوجع في الحقو قيل له وجع الورك، فإذا نزل إلى الفخذ قيل له عرق النسا، وكلاهما يكثر عروضه في الخريف. وأيضا الذبحة، لما ينزل إلى الحلق من الرأس لاختلاف الهواء وانعصار المواد بالبرد العرض بعد التخلخل، وهذه الذبحة تكون (164) في الغالب مرارية، وفي الربيع بلغمية أو دموية؛ لأن مبدأ كل واحد منهما الخلط الذي يولده الفصل المتقدم. وأيضا الربو، لإضرار الهواء المختلف بأعضاء النفس، وكثرة تولد البلغم، وكثرة النزلات. وأيضا ايلاوس، وهو مغص شديد يعرض في الأمعاء الدقاق، ويسمى قولنج على سبيل المجاز ، وإنما يكثر في الخريف ليبس الهواء، فيجفف فضلات الغذاء قبل نزولها إلى الأمعاء الغلاظ، ولأورام تحصل في الأمعاء لضعف الأحشاء وكثرة ما ينزل إليها. وأيضا الصرع، لفساد Aالأخلاط، وضعف الدمغة لاختلاف الهواء، وتكاثف الدماغ لعروض البرد بعد الصيف المخلخل للبدن. وأيضا الجنون والوسواس، لكثرة السوداء وترمدها.

[aphorism]

قال أبقراط: وأما في الشتاء فيعرض ذات الجنب، وذات الرئة، والزكام، والبحوحة، والسعال، وأوجاع الجنبين والقطن، والصداع، والسدر، والسكات.

[commentary]

صفحه ۱۵۶