شرح فصول أبقراط
شرح فصول أبقراط
ژانرها
قال أبقراط (20): متى كان في (21) وقت من أوقات السنة، في يوم واحد، مرة حر ومرة برد، فتوقع حدوث أمراض خريفية.
[commentary]
الشرح (22): PageVW0P061A أي يوم وجد على طبيعة فصل، فمقتضاه توليد ما يولده ذلك الفصل، لأن الفصل لا يولد الأمراض وغيرها بما هو فصل، ولا بما هو زمان، بل بالكيفية التي تكون فيه، فيكون (23) الموجب هو تلك الكيفية، فإذا وجدت في يوم فمن شأنها توليد ما كانت تولده، ولكن بشرط أن تكون قوية؛ فإن السبب إذا لم يدم، إنما يؤثر تأثيرا يعتد به إذا كان قويا جدا. ولهذا فإن أبقراط جعل حدوث تلك الأمراض متوقعا، وعين الحكم في اليوم PageVW1P031B الخريفي، لأن اختلاف الهواء سبب قوي. ومراده بذلك: إذا كان هذا الاختلاف أزيد من المعتاد، فإن الهواء في كل يوم يبرد مرة ويسخن مرة [TH2 56a] فإن الغدوات أبرد لا محالة من الظهائر. وإذا تكرر حدوث هذا الاختلاف كان توقع حدوث تلك الأمراض أكثر. ويجوز أن يريد أن هذا الاختلاف لا يختص بيوم واحد، بل إنه يتحقق في اليوم الواحد، ولا ينافي ذلك تكرره (24). PageVW0P061B
[aphorism]
قال أبقراط (25): الجنوب تحدث ثقلا في الرأس، وثقلا في السمع، وغشاوة في البصر، وكسلا واسترخاء، فعند قوة هذه الريح وغلبتها يعرض للمرضى هذه الأعراض. وأما الشمال فتحدث سعالا، وأوجاع الحلوق، ويبس البطون (26)، وعسر البول، والاقشعرار، ووجعا (27) في الأضلاع والصدر، وعند (28) غلبة هذه الريح وقوتها ينبغي أن تتوقع في الأمراض (29) حدوث مثل (30) هذه الأعراض.
[commentary]
الشرح (31): يريد بالجنوب والشمال (32) ما ينسب إليهما من الجهة والريح، ويريد بذلك ما هو كذلك بالنسبة إلى بلادنا (33) التي عرضها زائد على غاية الميل. ويريد بالجنوبية عن هذه البلاد ما هي هي قريبة منها، وهي التي PageVW2P056B لا تقرب من خط الاستواء قربا شديدا، وتلك المواضع حارة رطبة. أما حرارتها PageVW0P062A فلأجل دوام مسامتة (34) الشمس لرؤوس سكانها (35) في الصيف، وشدة (36) قربها من سمت رؤوسهم. وأما رطوبتها، فلكثرة البخار هناك، وقد حققنا هذا كما ينبغي في شرحنا لكتاب المياه والأهوية (37) والبلدان للإمام (38) أبقراط فليراجع. وريح الجنوب حارة أيضا، رطبة، غليظة. أما حرارتها فلأنها إن هبت من المواضع PageVW1P032A القريبة منا من جهة الجنوب، كان هبوبها من مواضع حارة، فتسخن لا محالة. وإن كان هبوبها مما هو أبعد من تلك، فلابد وأن تسخن عند مرورها بتلك المواضع. وأما رطوبتها، فلأجل كثرة البحار (39) التي تهب من مواضعها أو تمر عليها. وأما غلظها، فلكثرة ما يخالطها من الأبخرة، لأجل الحرارة المبخرة، المصادفة لكثرة الرطوبة. وأما الريح الآتية من المواضع الشمالية عنا (40)، فهي PageVW2P057A باردة يابسة. أما بردها فلأن المواضع التي تهب منها، والتي تمر عليها، شديدة البرد بالنسبة إلى بلادنا. وإذا (41) PageVW0P062B عرفت هذا فكل واحد من جهة الجنوب، وريح الجنوب، تحدث ثقلا في الرأس، لأجل الحرارة المبخرة، مع الرطوبة المرخية، وثقلا في السمع؛ لأن الرطوبة تكدر الحواس كلها، وترخي العصب، فيقل إدراك عصب الصماخ ويضعف؛ وغشاوة في البصر، لتكدر الروح الباصر بالرطوبة، وبكثرة الأبخرة؛ وكسلا، لاسترخاء الأعصاب؛ واسترخاء لذلك أيضا . قوله: "فعند قوة هذه الريح" إنما خص ذلك بالريح، لأن الجهة لا تقوى تارة وتضعف أخرى (42). قوله: "يعرض للمرضى هذه الأعراض" أما أن هذه تعرض (43) للمرضى فظاهر، لأنها تعرض للأصحاء مع قوة قواهم، فالمرضى أولى. وإذا عرضت هذه للمرضى كانت أعراضا، لأن العرض هو ما يتبع المرض، وأما إذا (44) عرضت للأصحاء فإنها PageVW2P057B تكون علامات تنذر بمرض. وقوله: "يعرض للمرضى" هذه (45) إشارة إلى أنها تكون عامة لهم، وذلك لأن السبب PageVW0P063A -وهو الريح- يعم (46)، فيكون PageVW1P032B أثره عاما. وأما جهة الشمال، وريح الشمال، فكل واحد منهما يحدث السعال، لتضرر الحنجرة (47) وقصبة الرئة؛ وباقي آلات النفس (48)، ببرد الهواء ويبسه ولكثرة عروض النزلات، لأن البرد واليبس يحدثان تكاثفا وانعصارا (49) من المواد إلى أسفل. قوله: "والحلوق" يمكن أن يريد وجع الحلوق، وذلك ظاهر لأجل النزلات، مع التضرر بالبرد واليبس. ويمكن أن يكون قوله: "واليابسة" صفة للبطون (50) والحلوق، لأن كل واحد منهما يعرض له جفاف، أما الحلوق فليبس الهواء، وأما البطون فلقوة الهضم، وانعصار عضل المقعدة المعسر لخروج (51) البراز، ولقلة المرار المندفع إلى الأمعاء للتنبيه على خروج ما يخرج. ولأن يبوسة الهواء تنشف PageVW2P058A رطوبات الأبدان، فيشتد جذبها (52) لرطوبات الغذاء، وأيضا عسر البول لتضرر المثانة (53) بالبرد واليبس، [C5DK4 63b] لأنها عصبية قليلة الدم. وأيضا الاقشعرار، لاحتقان الأبخرة الحارة بسبب انسداد المسام بالبرد واليبس. وأيضا وجع الأضلاع والصدر، لغلبة البرد على هذه الأعضاء ، لكثرة العظام. ولم يذكر أبقراط ههنا حكم المشرق والمغرب، * لقلة تأثيرهما في الأمراض. وأما جهتي المشرق والمغرب (54) فلأنها (55) تكون على طبيعة البلد (56)، إذ (57) تأثير الشمس في طول مدارها لا يختلف. وأما ريح المشرق والمغرب، فلأن مهبهما وممرهما إنما هو في مواضع متشابهة للبلد، فلذلك لا تكون مخالفة لهواء البلد مخالفة كثيرة.
[aphorism]
صفحه نامشخص