شرح فصول ابقراط
شرح فصول أبقراط
ژانرها
البحث السادس:
شارب الشداب إذا استقرأنا * أحواله (372) نراه في مبادئ شربه * يكره (373) استعماله بحيث أنه يشمأز منه ثم إذا أمعن في شربه استطابه وطلب الاستكثار منه. أقول: والعلة في ذلك أن حاسة المذاق في مبادئ الشرب تكون سليمة فتدرك طعم الشراب والنفس غير مدركة لمنافعه لأنها لم يحصل بعد فتنفر الطباع منه وتروم تركه. فإذا استعمل أكثر من ذلك أرخى حاسة المذاق وخدرها PageVW5P069A فيضعف إدراكها لطعمه ويكون المقدار المستعمل منه قد استحال إلى جوهر الروح وحصلت منه المنافع المعلومة * كالفرح (374) * وغيره (375) . وحينئذ تدرك النفس منه هذه المنافع فتروم الإكثار منه والإمعان فيه.
البحث السابع:
نرى * شاربي (376) الخمر من كان منهم قليل الكلام ثقيله. فإنه عند شربه إياه وإمعانه فيه يكثر الكلام وينطلق لسانه؛ ومن كان بالعكس فبالعكس. أقول: والعلة في ذلك أما الأول فبارد المزاج فإذا استعمل الشراب سخن المزاج * والدماغ (377) والأعصاب فحصل منه ما ذكرنا. وأما الثاني * فيابس (378) المزاج فإذا استعمل الشراب رطب المزاج والدماغ والأعصاب المحركة * للسان (379) فحصل منه ما ذكرنا.
البحث الثامن:
اعلم أن من الناس من يعرض له عند شرب الشراب أخلاق رديئة. فمنهم من يحزن ومنهم من يبكي. ثم هؤلاء منهم من يعرض له ذلك في جميع أوقات الشراب ومنهم من يعرض له ذلك في أول شربه. ومنهم من يعرض له * ذلك (380) في وسط شربه. ومنهم من يعرض له * ذلك (381) في آخره. وسبب هذا جميعه في الحقيقة ليس هو الشراب بل أمر أخر يثيره * الشراب (382) وهو أخلاط سوداوية ساكنة فإذا استعمل الشراب حركها * وأثارها (383) . فإن حصل هذا في جميع أوقات الشراب فهي كثيرة المقدار ومعتدلة القوام. وإن حصل في أوله فتكون رقيقة قليل المقدار فتتحرك على الشراب وتوجب أخلاقا رديئة. ثم إن الشراب يقهرها ويستولى عليها ويغلب مقتضاها. وإن حصل في آخره فتكون * غليظة مستصعبة فلا تتحرك وتوجب تلك الأخلاق إلا لسبب قوي. وإن حصل في الوسط فتكون (384) معتدلة في ذلك.
البحث التاسع:
* شاربو (385) الخمر منهم من هو سريع السكر ومنهم من هو بطيئه، ولنبين * الآن (386) كيفية إيجابه للسكر، فنقول: الشراب مع كونه مائي القوام الأجزاء الهوائيه غالبة عليه. ولذلك صار يطفئ فوق الماء. فإذا ورد على المعدة طفأ على فمها وفعلت فيه فيتبخر عنه بخار لمائية قوامه وغلبة الأجزاء الهوائية عليه ويصعد ما يتبخر عنه إلى الدماغ وهو قابل لذلك لرطوبة مزاجه ولتخلخل جوهره ولوضعه في أعلاء البنية. ثم أنها إذا صعدت إليه زاحمت أرواحه * مجاريها (387) * وتوجب (388) حركتها. ثم إن * تبخرت (389) للطافتها تتحلل بسرعة وتتلاشى. فاي جانب منه تحلل أبخرته تحركت أرواحه إلى ذلك الجانب. فالحاصل مما ذكرنا أنه يحصل له حركات غير طبيعية وتشوش * الأفعال (390) الخيال والفكر، ولا معنى للسكر إلا ذلك. فمن كان ضعيف الدماغ أو غير معتاد * لاستعمال (391) الشراب أو كان قد استعمل غذاء كثير المقدار فهو سريع السكر ومن كان بالعكس فبالعكس PageVW5P069B .
البحث العاشر:
أوفق الأزمان لاستعمال الشراب زمان الشتاء ثم الخريف. أما الأول فلوجوه ثلاثة أحدها لأجل تسخينه وإنعاشه للحرارة الغريزية فيضاد مزاج الهواء. والثاني لتقطيعه وتلطيفه وتفتيحه للمسام المقابلة لمقتضى هوائه. والثالث لتخفيفه المواد بالإدرار والتحليل. وأما لثاني فلأجل ترطيبه. وأما الصيف والربيع فالواجب تقليله فيهما. أما الأول فخوفا من التسخين. فإن دعت الحاجة إلى استعماله فليكن كثير المزاج أبيض اللون. وأما الثاني فخوفا من * تثويره (392) * المواد (393) والزيادة في حجمها. فقوله لأن يملاء البدن من الشراب خير من أن يملاء من الطعام أي في الفصلين المذكورين.
صفحه نامشخص